Langue, littèrature arabes et des arts
Permanent URI for this collectionhttpss://dspace.univ-batna.dz/handle/123456789/29
Browse
Browsing Langue, littèrature arabes et des arts by Issue Date
Now showing 1 - 20 of 332
- Results Per Page
- Sort Options
Item التحليل المستقبلي للأدب(UB1, 2004) زيداني, حسينItem فن الرحلة في الأدب المغربي القديم(UB1, 2005) زردومي, إسماعيلItem الصوت والدلالة في شعر الصعالیك(UB1, 2007) محلو, عادلItem البطل السجين السياسي في الرواية العربية المعاصرة(UB1, 2007-12) منصوري, عليItem البناء الفني في القصيدة الشعبية الجزائرية(UB1, 2008) قنشوبة, أحمدThe Algerian popular poem , espicially that of the sahara , is a type of poem which has to be given more importans in terms of studying and collecting . During many previous years , many famous poets always tried to develop it , and this gave them special honour and respect among people . In addition , they became popular . Thus , one of the aims of this thesis is to study the causes of this popularity and the social power that the poems carry. We also found it important to focus on searching for problematical question of how the poetic elements and the artistic structure can be found in the corpuscle which collected , through concentrating on important elements . This latter is used to form the poem . They are : - The elements structuring the poem starting with the intonation , the rhythm and the rhyme , and finishing with the unity that characterised it . - The structure of the poetic image with all its rhetorical forms such as comparison , metonymy , metaphor , and in terms of its modern view without neglecting the symbolic image and its roles . - The phenomen of intertextuality with its various moral , historic and religious types .Item أثر القرآن الكريم في النثر الجزائري الحديث (1925 – 1962)(UB1, 2008) بن مشيش, حسينItem الهوية و الإختلاف في الرواية النسوية في المغرب العربي(UB1, 2008) بن بوزة, سعيدةItem دلالات المكان في الشعر الفلسطيني المعاصر بعد 1970(UB1, 2008) مجناح, جمالتناول هذا البحث بالدراسة ظاهرة المكان في الشعر الفلسطيني الحديث، متخذا من دلالة المكان وجمالياته منطلقا لتقديم الشعر الفلسطيني الحديث في واحدة من المراحل التي جاءت في سياق تاريخي شهد تحولات ثقافية وسياسية واجتماعية، كان لها الأثر الواضح في تشكيل الخطاب الشعري . وإذ اخترت موضوع: "دلالة المكان في الشعر الفلسطيني بعد 1970 " فإن مبرر ذلك يتجلى فيما عرفه المنجز الشعري من تحولات فنية وموضوعاتية منذ الستينيات. إذ لم ينفصل عن الموضوع النواة الأرض وما تحيل من أمكنة وتسميات وموروث جعل من فلسطين الأرض والوطن والإنسان مدخلا شاملا متماهيا مع جلّ القضايا والأبعاد. ونظرا لطبيعة العلاقات المتداخلة التي تحتملها إشكالية المكان في الشعر من حيث تنوع حقوله اللغوية وبنياته الفكرية وأنساقه المعرفية والثقافية ، فقد حاولت الاستناد – في قراءته - على تحليل البنية المكانية وبحث ارتباطاتها الظاهرة والخفية. وأول القضايا التي أثارها بحث المكان تمثلت في طبيعة وحدود المصطلح، فأغلب الدراسات التي عالجت موضوع المكان ركزت المتن الروائي، وكأنها توحي بأن المكانية خاصية سردية، كما وظفت مجموعة مصطلحات ترافقت وتداخلت على مستوى الدراسة الواحدة، وأكثرها شيوعا مصطلحات المكان والفضاء والحيز والجغرافيا الشعرية. ولأهمية هذه القضايا كان لا بد من استقراء المفاهيم النقدية التي عالجت مصطلحات المكان والفضاء باعتبارهما أكثر استعمالا. أما بالنسبة لعلاقة الخطاب الشعري الفلسطيني بالمكان، فقد اتجه البحث إلى استقراء السياق التاريخي والاجتماعي الذي ولدت فيه التجربة الشعرية ومن ثم الوقوف على التحولات الجوهرية التي شهدها هذا المنجز الشعري على المستوى الشكلي والجمالي والموضوعاتي. وإذا كان بحث المصطلح ، والتقديم التاريخي للمدونة الشعرية الفلسطينية جزءا فرعيا في الإشكالية ، فإن بحث بنية وهوية المكان في الشعر الفلسطيني من صميم هذا الموضوع لأنه لا يمكن- في تصوري- قراءة دلالات المكان وجمالياته دون تحديد لبنيته وتنويعاتها المتداخلة. ومن ثم كان لزاما على البحث إثارة مسألة شمولية هذه البنية وامتدادها إلى الأشياء والإنسان. وهو ما يفرض تحديد هذه البنية بحسب الصورة الشعرية أو الحقول اللغوية أو بحسب المضامين والمضمرات الثقافية والفكرية. وإذا كانت الأمكنة ذات المرجعية الفزيائية أو الجغرافية قابلة للتحديد، فإن الأمكنة الخفية ذات طبيعة مختلفة، لأنها لا تمتلك نفس الخاصية مرجعية، وإنما تنتج فضاءاتها وتكتسب أبعادها المكانية من مفاهيم اللجوء والحماية والألفة. وهو ما يدفع إلى السطح إشكالية التعامل مع صور الحلم وتأملات العزلة والتمركز في الذات باعتبارها أبعادا مكانية تشكل عوالم خفية في القصيدة. وتأسيسا على هذه القضايا التي وجدت مبررا لها في طبيعة الموضوع وتنوع مفاهيم المكان فقد اعتمد البحث في دراسة المكان الخطة التالية: - تمهيد لبحث مصطلح المكان والفضاء ومحاولة الوقوف على تداخلهما في الدراسات الفلسفية والنقدية ، وركزت فيه على إشكالية التداخل في الدراسات النقدية النظرية والتطبيقة الحديثة ، فكان لا بد من عرض ومناقشة الموضوع دون إسراف، وقد أسعفتني مقاربات حسن نجمي لهذه القضية في مؤلفه " la production من خلال المؤلفين ، Christine du pouy و Henri le febvre "شعرية الفضاء" وآراء كلّ من بالإضافة دراسات أخرى لا يسع المقام لسردها بالإضافة " la question du lieu en poésie و ، de l'espace إلى دراسات أخرى عربية وأجنبية أثارت الإشكالَ نفسه. - وكان الفصل الأولُ مدخلا تمهيديا أوجز حياة الشعر الفلسطيني الحديث منذ الانتداب، وتكمن أهميته في بحث علاقة الخطاب الشعري الفلسطيني بالمكان ومن ثم محاولة فهم طبيعة هذه العلاقة في ضوء المعطيات التاريخية والثقافية التي واكبها. وأمام كثافة المادة العلمية، ولكثرة الدراسات التاريخية في الموضوع، وحتى لا يتحول هذا الفصل إلى بحث مضاعف يكرر ما سبقه من دراسات اكتفيت بالتلميح والاختصار، والتركيز على إشكالية العلاقة بين الشعر الفلسطيني والمكان وفهم أسبابها ونتائجها والتي ملخصها أن هذا الشعر ظل مرتبطا بنواته الخلفية، بحيث أصبح فيه المكان جغرافية شعرية حاضرة في النص باعتبارها واقعا وحلما استلهمته القصيدة وجعلته أرضا خلفية لها. أما الفصل الثاني فقد اختص بوصف بنية وهوية المكان في المتن الشعري الفلسطيني، خاصة وأن مفهوم المكان بلغ من المرونة حدا يصعب معه حصر نماذج الدراسة ضمن مجموعات أو حقول لغوية محددة. ومن ثم فإن البحث في هوية المكان اتجه إلى دراسة طبيعة بنيته وعلاقاتها المكانية الممكنة لأن إبداع المكان في الشعر لا ينفصل عن علاقته بالذاكرة الجمعية الممتدة في الثقافة والسياسة والدين والمجتمع، إذ تشكل علاقة تاريخية تقوم إما على استرجاع المكان أواختلاقه في النص، ليتحول فكرةً أو صورة أو مجموعة أبعاد وفضاءات متمتهية مع بعضها، وهو ما يؤ ّ شر إلى اعتباره هوية شعرية جمالية بالإضافة إلى كونه انتماء. وأمام تنوع وكثافة حضور النماذج المكانية فقد ارتأيت تقسيمها إلى محورين تضمنهما الفصل الثاني ، فالمحورالأول يتعلق بالجغرافيا الشعرية وأعني بها حضور الصورة الفزيائية للمكان مثل الأرض وعناصر الطبيعة والأماكن الاجتماعية كالمدن والأوطان والبيت و المنفى والصحراء والبحر وغيرها. والثاني يرتبط بالأمكنة الخفية والتي تعتمد على التفسير والتاويل لاكتشاف ارتباطاتها الخفية بالمكان ومن نماذجها الحلم والتأملات وعوالم القصيدة... وفي الفصل الثالث "صورة المكان" اتجه البحث إلى مقاربة المكان تفسيرا وتأويلا وهي مقاربة لشبكة من العلاقات التي تربط المكان بالمجال الدلالي وبالخيال الشعري لأن مسألة المكانية لا تتوقف عند حدود الصورة بل ترتبط بالنص ارتباط وجود وانتماء وهوية. وأمام كثافة الحضور المكاني فقد وزعت هذا الفصل على مجالين كبيرين، ارتبط الأول بصور الأرض وتحولاتها المختلفة ، وتعّلق الثاني بتحولات المنفى. فأما بالنسبة لتحولات صور الأرض فقد اتجه التحليل إلى دراسة التنويعات المرتبطة بموضوعة الأرض ومختلف تقاسيمها المكانية ، فصورة الأرض تلخص جزئيات المكان الفلسطيني، باعتبارها خلفية للقصيدة وبنيةً "نواَة " ، إذ أشبع ْ ت صورة المكان في تجلياته المختلفة بمعاني الحياة والانتماء والوجود. كما بدت صورتها نموذجا فنيا استحضر العلاقات الانسانية المختلفة، كما اكتسبت بعدا ملحميا عمق سؤال الوطن وسؤال الوجود. وبالنسبة لتحولات المنفى فإنه اعتمد على صور مكانية جمعت بين المنفى وبوابات الوطن، ونظرا لتنوع الأمكنة وتقاطعها على مستوى الدلالات فقد عالجت صورة أمكنة المنفى من خلال مجموعة تنويعات رئيسة هي : - صورة المخيم لأنها ارتبطت في الذاكرة الفردية والجماعية بحياة اللجوء والشتات. ومن ثم تمركزت حول البؤس والحزن . - صورة البحر وتعكس رمزية عامة في جماليات القصيدة، لاقترانه في الخيال الشعري بالمغامرة وأساطير الرحيل القديمة وقصص الضياع .وقد تحولت صورة البحر إلى معادل موضوعي لصورة المنفى في جانب صلة مشهده بالواقع التاريخي لحياة المنفى. - صورة الصحراء: ارتبطت - هي الأخرى- بالشتات الفلسطيني، فنوعت الموضوع الشعري بقضايا الرحيل والتيه والغربة، وفي بعضها تحول مشهد الصحراء إلى مساءلات فكرية ووجودية،تناقش وضعية الوجود خارج المكان. الأوطان والمدن : جمع تنوع صور المدن والأوطان بين غربة المنفى وحنين الوطن، إذ ارتبط حضور المدينة في النص الفلسطيني بواقع حياة المنفى والغربة ولذلك تتبع الشاعر تفاصيل هذا الواقع عبر تسجيلات تراوحت بين رصد واقع الحياة في المدينة وطبيعة العلاقات المؤقتة والمترتبة عن حياة المنفى، كما أن الوجود في مدن المنافي لم ينسِ الشاعر مدن وقرى وطنه بل إنه مزج بين المدن في نفس النص وشكل منها جغرافيا سياسية أعادت صياغة العالم شعريا. وتناول الفصل الرابع دلالات المكان، وبما أن الظاهر المكانية في الشعر الفلسطيني لم تنفصل عن مخزونها المعرفي والثقافي، فإنها بهذا التوصيف شكّلت مخزونا خصب النص الشعري بأنواع المعرفة التاريخية والدينية والأسطورية التي ارتبطت بالمكان أو بالحالات المشابهة لواقع المكان وحاضره. وقد بني هذا الفصل على ثلاث مستويات هي : 1- المكان وإنتاج الدلالة التاريخية، وقسمت الفضاء التاريخي على محاور رئيسية هي: - محور خص التجربة التاريخية بصفة عامة، فاستعارت الأمكنة العمق الكنعاني والروماني والإسلامي والحدث التاريخي المعاصر، كما أنها في الجانب الثقافي اعتمدت تقنية الأقنعة ممثلة في استلهام الشخصيات التاريخية والأدبية والدينية التي ربطتها الأحداث بذاكرة المكان. - محور الحضور الأندلسي: وهو تجربة تاريخية تنوع حضورها بين تاريخ المكان الأندلسي ، واستحضارالشخصية الأندلسية . وقد اتجه البحث إلى تحليل علاقة المعرفة التاريخية بالمكان وتداخل الشعري بالتاريخي على مستوى القصيدة. 2- المكان والدلالة الدينية فقد اتجه البحث إلى تحليل علاقة التجربة الشعرية بالمقدس باعتباره فضاء دينيا استلهم علاقة المكان بأحد المكونات الثقافية الأساسية، وإن كان مفهوم المقدس يتسع ليشمل كل المفاهيم والنصوص الدينية الموظفة، فإن الدراسة ركّزت على ما له علاقة بتأملات المكان والتي ترتكز في الغالب على العلاقات الذاتية والعامة بالأمكنة. ومن ثم فإن مفهوم المقدس ببحث العلاقة الروحية التي أضفاها الشاعر على أمكنته والتي اعتبرها مصدر انتمائه، وعنصرا مكونا لكيانه ووجوده ولذلك فهي فردوسه المفقود الذي يحاول استعادته،وجنته الضائعة التي يسترجع من خلالها نموذجه الأول. فأكسبها بعدا متعاليا ارتقى بها إلى اعتبار العودة أو الرحيل باتجاه الوطن قيمة مقدسة ومدخلا إلى بعث ووجود جديد. 3- وفي بحث الدلالة الأسطورية بما تحمله من أبعاد وقدرة على استيعاب الموضوعات الشعرية المختلفة فإنها احتفظت في الشعر الفلسطيني الحديث بوظيفة "القناع" أوالخلفية التي اتكأ عليها النص الشعري. حيث أن موضوع البحث لا يتجه إلى دراسة الأسطورة كظاهرة شعرية وفنية مستقلة وإنما يبحث في ارتباط المكان بالأسطورة ما دامت موضوعة النص تتحرك في فضاء النواة الخفية "الأرض". وهو في بعد آخر استعادة للمكان من الأساطير التي تؤكد مرجعياته في الثقافات والانجازات الحضارية المختلفة كفعل يقوم في مقابل محاولات الآخر اختلاق المكان عبر المرجعية التوراتية. ومن هذا المنظور فإن علاقة الأسطورة بالمكان وبالشعر تبدو في كونها فضاء إضافيا للتأملات الشعرية، فهي في النص لا تقتصر على بعدها الجمالي أو صورتها الرمزية، بل تتجاوز ذلك إلى أنها اختلاق للمكان المفقود، واسترجاع داخلي لأمكنة الانتماء. كما أنها ذاكرة تاريخية من نوع آخر، يتجاوز التاريخ إلى ما قبل التاريخ انطلاقا من فرضيات الأسطورة، وبذلك فهي عودة إلى نوع من الحياة المرتبطة بحميمية المكان الأول. أما الفصل الأخير "جماليات المكان " فيعتبر فصلا مكملا لأنواع الصور المكانية ولعالم الدلالات ،إذ انه يعتمد على تحليل التأملات الشعرية باعتبارها امتدادا للتنويعات المكانية. ولذلك فإن هذه الأمكنة تعتمد على التأملات الشعرية ، فاكتسبت بعدا فضائيا يقوم على معمار المتخيل الذي يلجأ إليه الشاعر في تأملات العزلة أو الألفة ومن هذه الأمكنة الخفية اتجه البحث إلى تحليل الظواهر التالية: - فضاءات الموت أو القبر وعلاقته بالأبعاد الفلسفية والوجودية وارتباطه بالواقع وبالجغرافيا الشعرية. - عالم القصيدة أوالتجربة الشعرية، باعتبارها كونا شعريا خاصا وفضاء للتأملات. ومن هذا المنطلق اعتبار القصيدة كونا فيه تلتمس الذات الشاعرة مكانا حميميا، كما أنها في بعض ملامحها الملجأ المتخيل للذات والمترجم لنفسانية البعيد . - التمركز في الذات وجدلية الداخل والخارج: ويقوم على قراءة وعي الذات أو التمركز في الأنا، واعتباره مكانا خفيا للتأملات ونموذجا إضافيا للجوء والبحث عن الحماية ، ومن خلاله تُستعاد ذاكرة المكان عبر إعادة إنتاجه في مواجهة الشتات التي تحركها تجربة الخوف من فقد المكان. وبهذا التصور يتحول النص في حد ذاته إلى مكان تمارس فيه الذات وعيها وتحقق عبر صوره وجودها. - تأملات الحلم والبحث عن العالم الممكن وفيه يناقش البحث تصورا آخر للمكان من حيث دخول التجربة الشعرية تأملات الحلم باعتبارها من الأمكنة الخفية لما تنتجه من فضاءات ذاتية. فالحلم كمكان للجوء يمنح الشاعر إحساسا آخر بالوجود وقدرة على تحسس المكان في الذات، واستلهام ما يثيره من ذكريات وتجارب خاصة. -وامتدادا لهذه التأملات بحثت في عنصر مستقل جمالية الألفة والعزلة باعتبارها من التأملات التي ارتبطت بثنائية البيت والسجن . فبالنسبة لشاعرية الألفة فإن الذاكرة لا بد وأن تحتفظ بمأساة لا تقلّ أثرا وعمقا عن مأساة فقد الوطن ممثلة في بيت الطفولة وما ترتّب عليه من آثار نفسية التقطها النص الشعري. وعندما نعود إلى تفاصيل البيت أو الدار أو المنزل وغيرها من المسميات التي أطلقتها التجربة الشعرية الفلسطينية على هذا النوع من الأمكنة نلاحظ أنه يترافق مع حلم الوطن،وتحديدا موضوعات العودة والرحيل، وبالتالي فهو نوع من الانتماء إلى الأرض باعتبارها البيت الكوني الأكبر. واعتبارا لهذه العلاقات والأبعاد أملت طبيعة هذه التأملات الاتجاه إلى مناقشة جماليات الألفة حسب ما يتصل بها من موضوعات تأملية تقوم على توحد العام والخاص داخل إطار التجربة الشعرية في شموليتها. - وبالنسبة لتأملات العزلة فقد ارتبطت بأنواع مختلفة من الأمكنة، لكن تحديد السجن كمكان لتأملات العزلة لا يعني تخصيص هذا المكان دون غيره بهذا النوع من التأملات. ولذلك فإن التركيز على تأملات العزلة يواصل متابعة المستويات المختلفة لجماليات المكان، من حيث كون التأمل في فضاء السجن نوعا من التركيب الجدلي القائم على المفارقة بين عالم مغلق وآخر مفتوح وعلى المستوى النفسي جدل بين الداخل والخارج. كما أن صورة السجن وإن أشارت في أحيان كثيرة إلى طبيعة هذا المكان وما يترافق معه من أصوات وأشياء. فإنها تجاوزته بتأملات العزلة إلى إنتاج أمكنة بديلة حولت الضيق والمحدود واسعا لا محدودا. في المنهج بالنظر إلى طبيعة موضوع البحث الذي تشعب في أنواع مختلفة من المعرفة التاريخية والاجتماعية والفلسفية والنفسية إضافة إلى طبيعته الجمالية، فإنه كان لا بد أن ينعكس كل ذلك على الاختيارات المنهجية والإجرائية حيث أن مقاربات المكان دلالة وصورة اعتمدت على مزيج من الدراسات إذ تنوعت بين المقاربات النفسية والاجتماعية والفلسفية أما المقاربات النقدية فإن البحث استفاد من الآراء البنيوية ونظريات التلقي والتأويل وإجرائيا فقد اعتمد على المنهج الاستقرائي والوصفي . وحتى لا يتوسع البحث في المادة الشعرية الكثيفة فقد تم تركيز مادة الشعر على عينة من الشعراء رأيتهم يمثلون الفترة الزمنية المقترحة لهذا الموضوع كما يتوفر في شعرهم ما يؤهله ليكون مادة لدراسة المكان، ومن هؤلاء محمود درويش وإبراهيم نصرالله ومحمد القيسي ومريد البرغوثي وسميح القاسم وعزالدين المناصرة والمتوكل طه. في المصادر والمراجع أما بالنسبة للمصادر والمراجع فلا أشكو شحها ولا قلتها، وإنما صعوبة الحصول عليها والتي تطلبت مني السفر والتنقل مما فوت علي الكثير من الوقت الثمين، ولعل أعم ما يمكن الإشارة إليه في هذا المجال هو قلة الدراسات النقدية المتخصصة في مجال تطبيق جماليات المكان على الشعر، حيث أن أغلب الدراسات التطبيقية والنظرية اتجهت إلى تحليل ظاهرة المكان أو الفضاء في الخطاب الروائي العربي بينما ندرت تلك التي تناولت المكان في الشعر العربي باستثناء مجموعة مقالات وكتيب تناول المكان في شعر السياب. بالإضافة إلى دراسة تناولت فلسفة المكان في الشعر العربي القديم. ولذلك كنت مجبرا على اعتماد مراجع أجنبية والتي وفرت معرفة هامة في دراسة شعرية المكان في الخطاب الشعري تحديدا، مع ما يحف ذلك من مزالق وصعوبات الترجمة . وأهم صعوبة واجهت البحث تمثلت في مستويين الأول شساعة التنويعات المكانية الموظفة في الشعر الفلسطيني وتداخلها الشديد في إنتاج الدلالات ، بحيث يصعب الفصل بينها لشدة تداخلها ، ولتفادي الوقوع في التكرار حاولت معالجة هذا المشكل بجمع مادة المكان وتصنيفها بحسب تقارب دلالاتها أو أنواعها، وهو ما أتاح لي بمساعدة الأستاذ المشرف إحراج البحث على هذه الصورة. نتائج البحث عند استعراض مراحل الشعر الشعر الفلسطيني الحديث لاحظت أنه تمركز حول أرضه واستلهم من خلالها موضوعاته الشعرية وجماليات الأمكنة، فحفلت القصيدة بصور المكان وتجلى في شتى أنواع المشاهدات والتأملات، مما يجعلني أزعم أن القصيدة الفلسطينية قصيدة مكان بامتياز، يمكننا أن نستخلص منها النتائج التالية: 1- فمن حيث المتابعة التاريخية لظاهرة المكان في الشعر الفلسطيني نلاحظ ارتباط المدونة الشعرية الفلسطينية بموضوعة المكان، فشكلته في صور وتأملات تعّقب ْ ت المراحل والأحداث التاريخية المختلفة، حيث أصبح المكان جغرافية شعرية حاضرة في النص، استلهم الشعراء مظاهره الحسية والخفية،وجعلوه أرضا خلفية للقصيدة، فكانت بدورها وطنا وعالما أقام الشاعر بين تأملاته. - هذا السياق التاريخي الذي نشأ فيه الشعر الفلسطيني الحديث، جعله لا ينقطع عن ذاكرة الأرض، حيث احتفظ الشعر بذاكرة المكان جماليا وموضوعاتيا، ومن ثم كانت جمالية المكان أحد أوجه الالتزام بموضوعة وقضايا الأرض/ الوطن في الحركة الشعرية الفلسطينية طوال مسيرتها،وهوالتزام يبرره الارتباط الحتمي بالعناصر المكانية – في شتى صورها- باعتبارها بعدا جماليا وعنصرا من عناصر الهوية. -2- إن القصيدة الفلسطينية التي تطورت بعد السبعينيات داخل فلسطين أو في المنفى - وفي ظل الواقع التاريخي والسياسي والثقافي المرتبط بالقضية الفلسطينية- كان لا بد وأن تتأثر بزمانها ومكانها وتنخرط بموضوعات المقاومة والانتفاضة وحلم الدولة المستقلة وإلى جانب ذلك كان لزاما على الشاعر أن يحافظ على خصوصية الشعر،ويجنب النص فخّ التحول إلى خطاب سطحي، وبين هذا وذاك ظلّ النص الشعري محافظا على علاقته بالمكان وجمالياته . 3- من أهم السمات التي ربطت النص بالمكان احتفاء الخطاب الشعري بالذاكرة وبالعناصر الثقافية ، حيث خصبت النص ، وزودته بأقنعة ورموز اشتغل عليها الخيال الشعري . ومن أهم النماذج في هذا الصدد، ما قدمه الشعر من صور للأرض ارتبطت برموز الأمومة والخصب،وبالمصادر الأسطورية والدينية والتاريخية. وعلى سبيل المثال استلهم شاعر المنفى محمد القيسي الملحمة الشعبية لسيرة عنترة ابن شداد حيث في مطولته "مجنون عبس"، وكذلك فعل الشاعر المتوكل طه في مطولته "الخروج إلى الحمراء، أو "حليب أسود". 4- لقد استندت مسألة المكان في الشعر الفلسطيني،على خلفية الأرض/الوطن باعتبارها مسألة مصيرية على المستوى الفردي والجماعي، ولذلك كانت على مستوى النص الشعري نوعا من البحث عن وجود حر في المكان، وأول مظاهر هذه الحرية الممارسة على مستوى الصورة تتمثل في حضور المكان باعتباره علامة لغوية اكتسبت هذه الخلفية. فتنوع حضورها عبر نسيج متداخل من الحقول اللغوية التي كان لها تميزها الفني والفكري، من خلال تفاعلها مع بقية الأشياء التي تتحول بفعل وجودها في المكان إلى جزء منه. 5- شكّل إحساس الفقد -الذي رافق تجربة المكان في الشعر- العلاقات المكانية في مستوى النص، ولذلك اعتمدت الصورة المكانية على بنية جدلية تنسجم مع سياقها فتشكلت الصورة وفقا لعلاقات علاقات الاتصال والانفصال، والقرب والبعد، والداخل والخارج. وضمن هذا التصور لم يكن المكان –شعريا- مجرد صورة ثانوية جامدة أو تسمية اعتباطية، بل هو تفاعل بين معطيات جمالية وتصورات فكرية، تقدم أنساقا ثقافية مضمرة وتحول عالم الأمكنة إلى عالم دلالي يؤثر في إنتاج المعنى ومضاعفته، وتجعل منه موجها ، يؤشر للتحولات المختلفة. ومن ثم تتحول لغة المكان إلى علامات وقيم منمذجة تنتج فضاءاتها الاجتماعية والثقافية المختلفة. 6- صورة المكان ارتكزت التجارب الشعرية على حقول الأرض والطبيعة والأماكن الاجتماعية ( الوطن، المدينة ، القرية..) وكانت صورة الأرض والطبيعة من أخصب الصور المكانية لما وفرته من أبعاد رمزية للقصيدة ، فعندما تمحور الشعراء الفلسطينيون حول الأرض المكان، لم يكن ذلك مجرد حضور عرضي واكب القصيدة في مرحلة ما من مراحل هذا الشعر، إذ أن قراءة النصوص المختلفة أكدت أن مفهوم الأرض يتجاوز مفهوم المكان البصري ،وحضور الأرض لا يكتفي بصورته الطبيعية، وإنما هو حضور كوني وإنساني متشعب الأوجه ومتنوع الأنظمة والأنساق. وما دامت موضوعة الأرض خلفية القصيدة الفلسطينية، فإن كثافة حضورها عد من أولويات الشعراء، لما لها من أهمية ومرونة في إثارة الذاكرة وتخصيب الرؤى الشعرية، كما أنها حاضرة في المتخيل الشعري كذاكرة مهددة تلوذ بالكتابة لتحقيق وجودها وانتمائها وأبعادها الكونية والإنسانية. وهو ما يثير القراءة ويحفّز الانتباه إلى العلامات البديلة عن الأرض باعتبارها علامات تمارس وظيفة تحويلية، تتماهى عبرها منظومة الأرض،وتكسبها القدرة على فتح فضاءات دلالية جديدة، فالرمل والتراب والصحراء والبحر،والبيت والسجن والزيتون والبرتقال، شكلت علامات بارزة في الشعر الفلسطيني، واعتبرتها كثير من الدراسات من بين بوابات فلسطين في الشعر الفلسطيني المعاصر. وهو ما يشير كذلك إلى أن موضوعة الأرض بتحولاتها المختلفة لم تنقطع عن هذا الشعر على امتداد مراحله وأجياله، فالأرض، والرمل والتراب والصحراء من العلامات الكبرى التي تضمنت إشارات المكان وعكست حضوره في الذاكرة وعبر الصورة الشعرية. 7- ولم تكتف صورة الأرض بلغة الطبيعة والأمكنة بل امتدت تحولاتها إلى التماهى في صورة الأرض/ المرأة منبثقة من إحساس عميق ومكثف يجسد المكان في نسيج لغوي وفضاء دلالي خاص، يرتبط دائما بتجربة فقد المكان والحنين إليه والتعلق به إلى أقصى ما يمكن أن يكون، لأن العلاقة لم تعد مجرد إعلان لانتماء مكاني بقدر ما هي إعلان لوجود إنساني في المكان .ولذلك تأخذ صورة الأرض نسيجها عبر مستويات واقعية ونفسية ورمزية استثمرت صورة الأمومة والميلاد والطفولة عبر ثنائيات الخصب والعقم والبعث والموت، وهي في بعدها المقدس تمتد إلى تقمص أيقونات مريم أو البتول أو العذراء أو هي بملامح تاريخية كنعانية تستمد جذورها من عمق التاريخ الكنعاني . 08- أما صورة أمكنة المنفى في الشعر الفلسطيني لفإنها تقيم احتفالية المكان المفتوح على فضاءات التيه واللجوء والاغتراب، وهي فضاءات تستمر في إنتاج الأمكنة من خلال بحث مشكلة الوجود في المكان، والذي تحول بفقده من مشكلة انتماء إلى مشكلة وجودية، ولذلك فأن مشهد العتبات المكانية المفتوحة على صورة الرحيل لا تقدم الرحلة أو السفر كفكرة أدبية صرف، وإنما تمزجها ببعد فكري يوجه قراءة جماليات المكان إلى أبعادها الإنسانية والفلسفية، وهو ما يحول هذا البعد إلى المفاهيم الظاهراتية التي تربط بين المكان والفضاء الوجود . 09- أما صورة البحر فقد كانت هي الأخرى عتبة مكانية ربطت العلاقة بين الوطن/الأرض والمنفى حيث كانت البوابة المفتوحة على ثنائية العودة والتيه .وفي انفتاح مكانية البحر على المنفى بالدرجة الأولى تشبعت صورة البحر برمزية عامة اقترنت بمفهوم اللامتناهي في الكبر وشكلت خيالا شعريا مشبعا بالمغامرة ومخصبا بأساطير الرحيل وقصص الضياع والغرق وما ترسب في الذاكرة الشعرية من موضوعات مترابطة بمكانية البحر. - جمالية البحر ورغم مأساوية الرحيل تنبعث من تحوله إلى مخيال يرتبط بالأرض/ الوطن ، والنقوش في البحر هي الذاكرة التي تأبى أن تمحي، وهي البحر في تحوله ذاكرة تستعيد الوطن من المنفى، وتعاود الحنين إلى شواطئه،فأسراب النوارس ورغم تعودها الإبحار لا تنس شواطئها مهما طالت الرحلة، وعبر هذه الصورة الفسيفسائية يعيد الشاعر سرد أحلام العودة التي تراود خيال المبعد في المنفى. - كما أخذ البحر بعدا يتمثل في كونه نموذجا مكانيا مفتوحا على العوالم الممكنة، حيث جعل منه الخيال الشعري صورة مكانية مرنة وسريعة التحول يمكن من خلالها بناء الفضاءات الأكثر تباعدا وتناثرا، وبالإضافة إلى ذلك فإنها اكتسبت نوعا من التخصيص اللغوي جعلت دلالالته في المخيلة الشعرية الفلسطينية تتبادل الاتجاه بين المنفى والوطن، فامتدت صوره إلى موضوعة الغربة، وحلم العودة وذاكرة الوطن كما كانت تنويعات صوره مجالا خصبا لتأملات العزلة . أما صورة الصحراء فقد ارتبطت بواقع الشتات الفلسطيني، فكان لها فعل الموجه الذي يحيل القارئ على موضوعات المنفى و الرحيل والتيه والغربة، وفي بعضها مشاهدها تتحول إلى مساءلات فكرية ووجودية، تعيد مناقشة حلم العودة ووضعية الوجود خارج المكان. وعلى مستوى حضور الصحراء في المدونة الشعرية الفلسطينية، فإنها أخذت سمة التحولات المستمرة التي يمكن أن تستوعب مختلف التجارب الإنسانية، وباعتبارها بنية مكانية قابلة للتحول فإنها اكتسب خصوصيتها كعلامة مشبعة بمرجعياتها التراثية والثقافية والمعرفية، ولذلك ارتبطت-في الغالب- بخيال المنفى ، واحتفظت بصور التيه والرحيل الماثلة في الذاكرة. إذ إنها أعادت صياغة أبعاد المنفى من منظور آخر لا يختلف عن صورة البحر إلا من حيث جزئيات وتفاصيل طبيعة المكان. 11- أما ظاهرة الأمكنة الخفية فإنها أخذت من المكان تصورات الإقامة واللجوء والحميمية والألفة، كما أنها تلبي الرغبة في استعادة المكان على مستوى الذات. ولذلك فإن هذه الأمكنة ارتكزت -في القصيدة الفلسطينية- على تأملات جمعت بين الشعر والفلسفة، واستلهمت عند بعض الشعراء أفكار باشلار وتأملات هايدغر ،وأخص بالذكر ما قدمه محمود درويش في كثير من نصوصه الأخيرة، ومحمد القيسي عندما ربط بين الوطن والأم وتأملاته الطفولية. ومن ثم تجسدت الأمكنة الخفية في صور الحلم ، والتمركز في الذات وتأملات الوحدة التي كانت صور السجن من أهم مساحاتها . وعبر شعرية أمكنة الموت، اتجهت التأملات الشعرية إلى البحث عن الخلاص من سلطة الزمن والمكان، واتخذ أبعادا فلسفية جمعت بين الاحتماء واللجوء والعودة إلى الأرض الأم ، فكان القبر رمزا مكانيا تحتمي فيه الذات الحالمة من تيار الزمنية، ومن خطر فقد المكان، ومن ثم شكل فضاء الموت صياغة فلسفية لمفهوم المكان والوجود. ومن ثم شكلت صورة الموت عوالم دلالية تتجاوز ظاهرة الموت إلى إعلان وجود خاص في النص وفي التأملات ،حيث أن لغة الموت والحياة والقيامة والقبور والسديم والعدم والوجود والحضور والغياب والبعث... تمركزت حول تصور خاص للمكان يعتمد على مفهوم اللامتناهي، واللامحدود. كما أن الحقول اللغوية السابقة كثيرا ما تستشعر في النص فضاءات الحماية أو الحرية. وعندما جعل الشاعرعوالم الماوراء مفتوحة ولامتناهية إنما كشف عن حالة لاشعورية أنتجها إحساس الفقد والشعور بخطر تهديد الوجود في المكان . 12- وما دام عالم القصيدة من الأمكنة الخفية المحتمل وجودها والاستقرار في صورها فإنها تشكل بواسطة اللغة حالة فكرية ووجودية خاصة .ووفق هذا التصور فإن العلاقة بين التجربة الشعرية والمكان لا تنحصر فيما تعكسه علاقة اللغة بالأشياء ، وإنما تشيد في النص عوالم خفية لإقامة الذات. ومن مظاهر هذه الإقامة في القصيدة استغراق التأمل في الذات والتمركز في الأنا، بحيث أصبح بعدا إضافيا للجوء والبحث عن الحماية، ومن خلاله تستعاد ذاكرة المكان بإعادة إنتاجه من داخل التأملات في مواجهة الشتات. وبهذا التصور يصبح النص في حد ذاته مكانا تمارس فيه الذات وعيها وتحقق عبر صوره وجودها. ههنا لا نتعامل مع النص باعتباره مكانا مفتوحا أو مغلقا ولا باعتباره شكلا هندسي الأبعاد، ولكن ينظر إليه باعتباره تمظهرا للأنا وتمركزا في الذات يحقق وجودا خاصا وانتماء لعالم ممكن، كما ينتج عالما بديلا ومتخيلا ، تتشكل أبعاده في حدود النص. 13- وإضافة إلى التجارب السابقة فقد فتحت صورة المكان جماليات جديدة باتجاه فضاءات الألفة والعزلة والتي لم تنقطع عن الخط العام الذي تمحورت فيه التجربة الشعرية الفلسطينية ممثلا في العلاقات المكانية المرتبطة بالتجربة الشاملة للأرض والوطن ولذلك تعد نماذج البيت والسجن من أهم المعالم المكانية التي شكّلت بوضوح تأملات الألفة والعزلة باعتبارها جمالية تستحضر المكان الأليف وذكريات الطفولة ومفهوم الحميمية. فصورة البيت أو المنزل لم تعد مجرد تصور لشكل هندسي قائم في الواقع كحقيقة عينية، بل إنه علامة لذاكرة طفولية مشبعة بالحنين، ومكون من مكونات الانتماء،ومطلب يستجيب لرغبات اللجوء والحماية،. ومن الواضح أن تصور هذا النموذج ينتظم في مجموعة قيم نفسية وأخلاقية ترتبط بمختلف أنواع التجارب . تتقاطع صور البيت و الوطن، وعندما نعود إلى تفاصيل البيت أو الدار أو المنزل وغيرها من المسميات التي أطلقتها التجربة الشعرية الفلسطينية على هذا النوع من الأماكن نلاحظ أنه يترافق مع حلم الوطن، وتحديدا موضوعات العودة والرحيل، وبالتالي فهو نوع من الانتماء إلى الأرض باعتبارها البيت الكوني الأكبر. كما أن جمالية الألفة-كموضوعة تأملية في البيت تقوم على توحد العام والخاص داخل التجربة الشعرية في شموليتها، فهي خاصة لأنها ترتبط بتجارب فردية إذ لكلّ شاعر ذاكرته الطفولية وزمنه المكثّف في موضوعة الألفة والحنين،فالشاعر بذلك يتعرف إلى نفسه من خلال زمنه الخاص وبيت طفولته الحميمي..أما العام الذي يتوحد بالخاص فهو تحول مكانية البيت لتشمل أفقا تأمليا إنسانيا مفتوحا على الوطن والعالم. 14- وفيما يتعلق بتأملات العزلة فإنها ارتبطت بأمكنة مختلفة، وتحديد السجن كمكان لتأملات العزلة لا يعني حصره لوحده بهذا النوع من التأملات، إذ أنها تأملات يمكن أن تنبعث من الشعور بالوحدة وهو ما قد يحدث في أي مكان. ولذلك فإن التركيز على السجن يجد مبرره في علاقة هذا المكان بالتجربة الشعرية الفلسطينية حيث أن أغلب الشعراء كانوا على علاقة بالسجن إما بحكم التجربة والمعايشة أو بطرق هذه الصورة باعتبارها لصيقة بحياة الفلسطيني في ضوء واقعه التاريخي والسياسي. أما الفضاءات الدلالية التي ركز البحث على تحليل مقولاتها، فإنها حصرت العالم الدلالي الذي أفرزه المكان في حقول دلالية محورية هي الفضاء التاريخي والفضاء الأسطوري والفضاء الديني، وهذا التحديد لا يعني الحصر وإنما أفرزته معطيات معرفية ممثلة في طبيعة العلاقات التي أنتجتها صورة المكان بالنظر إلى ارتباط ذاكرة المكان بالمعرفة التاريخية والدينية والأسطورية التي نوع الشعراء توظيَفها. وإذا ما اعتبرنا الأمكنة بنية لها نماذجها وعناصرها الثقافية المكونة لهويتها الجغرافية والثقافية فإنها تحضر في النص الأدبي محملة بتلك المضامين والأبعاد والتي لا تتخلى عن ارتباطها بالتاريخي والمقدس والأسطوري والواقعي، ومن ثم فإن الشاعر يواجه صياغة فكرية لجماليات المكان ركزت في توظيفها على استنطاق تلك الأبعاد المعرفية. وتجدرالإشارة إلى أن هذه العلاقات المعرفية في النص الشعري الفلسطيني الحديث لم تنحصر عند جيل دون آخر، حيث أن نصوص الفترات المختلفة جاءت محملة بالتجارب التاريخية المرتبطة بذاكرة المكان، ومشبعة ببذور الثقافات المحلية والإنسانية، إذ ربط الشاعر المكان من خلالها بالجذور الفكرية والمعرفية لأجل إنتاج فضاءاته وإعادة صياغتها وفق أبعاد اجتماعية ووجودية وإنسانية خاصة، ولذلك فإنه يؤكد من خلال هذا الحضور المعرفي على وحدة الانتماء، وعلى هوية المكان في ظل الجدل القائم حول امتلاك المكان بين الأنا والآخر. وكأي باحث – أتمنى أن أكون موفقا في ما قدمته من آراء يعود الفضل في الوصول إليها إلى ما وفرته لي توجيهات أستاذي المشرف، وتشجيع الأصدقاء، وما قدمته الهيئات العلمية المختلفة من تسهيلات. وبهذه المناسبة أكرر شكري وامتناني للأستاذ الدكتور العربي دحو الذي تفضل بقبول الإشراف على هذه البحث وبمتابعة مراحله المختلفة ، كما أتوجه بالشكر إلى الأستاذة الدكتورة زينب علي بن علي التي أتاحت لي فرصة متابعة البحث في جامعة باريس 8 من خلال ماقدمته لي من تسهيلات العمل في المكتبة وحضور الندوات والأيام الدراسية العلمية المختلفة، كما لا أنسى شكرالأساتذة الأفاضل أعضاء لجنة المناقشة والذين كلفتهم عناء القراءة والسفر. كما يسرني أن أشكر المؤسسات العلمية المختلفة وأخص بالذكر منها جامعة باتنة وجامعة المسيلة وجامعة باريس 8 . وأخيرا إلى كل من أمدني بالعون أرفع آيات الامتنان وجزاكم الله عني خيرا. والله ولي التوفيقItem جماليات التناص في شعر أمل دنقل(UB1, 2008) الجابري, متقدمItem بنية الخطاب الروائي عند غادة السمان(UB1, 2008) بنيني, زهيرةItem تداولية النص الشعري(UB1, 2009) شيتر, رحيمةItem التناص في روايات الطاهر وطار(UB1, 2009) لحباري, رقيةItem فضاء القصيدة في شعر سعدي يوسف(UB1, 2009) بن عافية, ودادItem بنية الخطاب المأساوي في رواية التسعينيات الجزائرية(UB1, 2009) بحري, محمد الأمينItem مستويات التشكيل الإبداعي في شعر صالح خرفي(UB1, 2009) دكدوك, بلقاسمItem أثر النزعات المذهبية و الروحية في الشعر المغربي(UB1, 2009) خنشالي, عبد اللهItem دراسة وظيفية لأسلوب التوكيد في القرآن الكريم(UB1, 2009) عبيزة, عائشةItem جدل النص و القاعدة(UB1, 2009) ملاوي, الأمينItem الغرب في الرواية العربية الحديثة(UB1, 2009) مباركي, جمالItem مسار الرمز و تطوره في الشعر الجزائري الحديث (1962-2004)(UB1, 2010) قري, مجيدبدءا أرحب بالحضور الكريم وعلى رأسهم أعضاء لجنة المناقشة الذين تجشموا عناء قراءة هذا البحث المقدم للمناقشة ثم تحمل بعضهم وعثاء السفر لحضور هذه الجلسة. وتحية أخرى للوالد الفاضل الكريم الذي جاوز الثمانين ولما يمل أبدا سؤالي عن موعد هذا اليوم كأنه خائف من أجل أو هارب من قدر. ,إلى أمي وكافة أسرتي زوجة وأبناء وأخوة وأقارب وكذا كل من شرفنا بحضوره راجيا أن يحفظنا الله جميعا بحفظه ورعايته ويشرح صدورنا وييسر لنا أمورنا . أما عن البحث فقد كان موضوعه مسار الرمز وتطوره في الشعر الجزائري الحديث (1962-2004). وفكرة الرمز وما ارتبط بها من غموض وتأويلات وتجاوز للدلالة الاصطلاحية إلى دلالات رمزية جديدة تعتبر من الظواهر الفنية التي شغلت النقاد في العصر الحديث والمعاصر. ولقد اتجه رواد الحداثة الشعرية ثم بعدهم من تمذهب مذهبهم إلى معانقة الرموز المختلفة واتخاذها طاقية لأدبهم وملمحا من ملامح التجديد الذي حاولوا رفع مشعله. وفكرة الرمز هي نأي عن الكشف والتوضيح وإغراق في الإيحاء والتلميح. وكثيرا ما اتخذه الشعراء غطاء وأرادوا به خدمة وضعيات راهنة لكنهم سقطوا في الغموض وأثقلوا هوامش قصائدهم بالإحالات والشروح أملا في إنقاذ ما يمكن إنقاذه من العلاقة التي تربطهم بالمتلقين. الأدب الجزائري حاول مسايرة هذا المد الشعري والنهل من تجارب الشعراء الكبار والإستفادة من الثقافة التي تأتت لهم من خلال اتصالهم بالتجارب الغربية وتفاعلهم مع بناها وكثير من مضامينها لكن كثيرا منها لم ترق إلى مستوى التجارب الأدبية الرائدة التي أصبحت مثالا تقاس عليه إبداعاتنا التي طالما عانت التهميش والدونية وإلحاقها بكل ما هو مشرقي وهو ما استدعى بالضروة -التفكير في محاولة إنصافها بتناولها ونقدها نقدا بناء وإبراز الجماليات الموجودة فيها وكذا المثالب حتى يمكن المبدع الآتي من تأليفها. وحقل الرمز لما يصبح بعد حقلا مستباحا كونه لا يزال متسعا لجهود أكبرودراسات أعمق بإعتباره ملمحا فنيا لم تستوف كثير من جمالياته ولم تؤت حقها من العناية والبحث . وربما ذلك بعض ما دعاني لطرقه خاصة بعد ما تأتى لي من تعاظم اهتمام بهذا الملمح الفني وبالشعر الجزائري لما اكتشفته من جماليات كامنة تبحث فقط عمن يكتشف فنيتها والإلتفاف حولها، وكان ذلك خاصة مع بحثي في الماجيستير الذي خصصته للبحث في الرمز في شعر عز الدين ميهوبي. وهو ما فتح لي طموحا أكبر للاطلاع على كثير من المغاليق واستهوتني فكرة إفراد رسالة دكتوراه لإطالة البحث في الشعر الجزائري حتى لا يذهب بعض جهدي في انصافه سدى واخترت له حيزا ممتدا في المكان والزمان(1962-2004) مع علمي في البداية بأني سأتقاطع مع نصوص ما قبل الاستقلال ومثيلات لها تأتي بعد 2004 لأن منطلق إدراك ودراسة أي ظاهرة فنية لا يمكن قيامها قياسا رياضيا، بل تقديرها ومنهجة دراستها بتجديد مجال زمني ومكاني تقديري لها ثم الشروع في الدراسة وقد اخترت مصطلح الحديث دون التنصل من المعاصر، وربما الاختيار مرده إلى امتدادات الملمح الفني الذي اخترته في الزمن أولا ولأن المعاصر كما يشمله كثير من النقاد يشمل جيلا أدبيا، وما قد يكون اليوم معاصرا قد يغدو بعد حين حديثا لترجيح مصطلح الحديث على المعاصر دون نكران أني ملت أحيانا إلى توظيف المعاصر دون ترجيحه، وربما حسب لي ذلك الترجيح كما قد يحسب علي. رغم قناعتي المطلقة بتواءم المصطلح الذي أرودت مع كثير مما تناولت. أما عن المنهج المتبع في الدراسة فإن المنهج التأويلي قد فرض نفسه لأنه الأنسب والمعين للولوج لعالم كثير من المتون الشعرية الحديثة وقراءتها وإدراك أبعادها الدلالية خاصة مع توافر في بعض توظيفات الرمز الحديث من غموض وما صاحبه من توظيفات وتناصات أنتجت النص الإبداعي . وبنسبة أقل أستفادت الدراسة من مناهج أخرى، فمواجهة النصوص وقراءتها قراءة نصيبه فرض اتجاه للمنهج الوصفي التحليلي أحيانا. وأثر المنهج الأسلوبي نجده بارزا أحيانا خاصة عند تناول بعض البنى الإفرادية والتركيبية والوقوف على تحليلها، بالاعتماد على مستويات مختلفة من الدراسة محاولة للولوج إلى الّنص وفتح كثير من مغاليق الرمز. اعتماد البحث أيضا على المنهج الإحصائي كإجراء منهجي مساعد لبيان حضور بعض مستويات الرمز في المتن الشعري الجزائري بعمليات إحصائية بسيطة كان حاضرا، ولكن لم يكن الإحصاء غاية لذاته بل محاولة لقياس بعض الظواهر الفنية المرتبطة بالرمز وإحصاء حضورها وغاياتها الفنية ثم الحكم عليها بقراءة بعض النتائج واستقراء بعض تلك العمليات الإحصائية إذن فالمنهج منهح تكاملي، لم يتقيد فيه بمنهج واحد خلال العملية النقدية . طبيعة كل مرحلة من مراحل الدراسة فرضت الإستفادة من حسنات منهج دون آخر لما يكتنف الرمز من تحول وتعقيد وغموض وتأويلات وبيان تجلياته وجمالياته المختلفة والمتباينة. وقد قسمت البحث إلى خسمة فصول ومدخل تمهيدي مسبوق بمقدمة تحدثت في التمهيدعن الرمز وعلاقته بالشعر. الفصل الأول كان عن وجهة الشعر الجزائري الحديث وملامحه الفنية العامة، تتبعت فيه بعض مسيرة الشعر الجزائري، وقد كان الهدف من الفصل بيان الأجواء العامة التي ولد فيها الرمز. في الفصل الثاني الذي قد يبدو نظريا رغم أني لم أبخل فيه بالشواهد حاولت إبراز أهم مصادر ثقافة الرمز في الشعر الجزائري الحديث، وكيف ساهمت جميعها في بلورة الاتجاه لتوظيف الرمز، وكيف كان لكل رافد البصمة في تلك الاستعمالات ثم كيف كانت تلك المرجعيات الفكرية والفنية أدوات لإثراء التجارب الشعرية الجزائرية. انتقالي للفصل الثالث كان بدءا محطات لبيان بعض التقسيمات الكثيرة لأنماط الرموز وتصنيفاتها وبعض أسس التقسيمات وما يبررها فكان الفصل موسوما ب " توظيف الرموز التراثية في الشعر الجزائري الحديث بدأته كما بدأت كل فصل بالتوطئة ثم توزيع الرموز التراثية بين الأسطوري والتاريخي والديني والصوفي ثم خرجت بعض التفريعات عن هاته الرموز وانضوت تحتها . مواصلة لتوظيفات الرموز الفنية خصصت فصلا رابعا لرموز الطبيعة عنونته ب (توظيف رموز الطبيعة في الشعر الجزائري الحديث) أبرزت فيه سبب الاتجاه للطبيعة وكيف وظفها الشاعر الجزائري واستعان بها وامتزج بها وخلع عليها بعض أحاسيسه ثم حاول إعادة بنائها على الورق، وبقي الشاعر من خلالها يحلم في هندسة بعض الأشغال والألوان في الطبيعة وحاول أن يستشعر بعض ما تحمله من تناقضات و سحر أكمل به بعض تضاريس ذاته. ختام البحث كان فصلا خامسا انضوى تحت عنوان "ملامح تطور توظيف الرمز وجمالياته في الشعر الجزائر الحديث. وفيه تتبعت مسار ومنحى التوظيف الرمزي في المتن الشعري الجزائري الحديث وقد كان الفصل غنيا إلى جانب الفصول السابقة بالنماذج الشعرية التي عنت بتحليل البنيات الفنية والوظائف الدلالية في إيحاء وجمالية. خاتمة البحث ضمت بعض ما تم التوصل إليه من ملاحظات ونتائج البحث وأحصت الدراسة ما يقارب مائة ديوان وعشرات القصائد المنفردة الموزعة على الدواوين المخطوطة والمجلات والدوريات. مع تسجيل الاستفادة من عديد الدراسات التي خدمت فكرة البحث، وتبقى كتب أحمد فتوح أحمد عن الرمز والرمزية وكثير من كتب صلاح فضل وأدونيس وخالدة سعيد وكتب مصطفى ناصف عن الصورة وحديثه عن الرمز، ودراسات عز الدين إسماعيل وبشرى البستاني وفوزي عيسى وجودت نصر وغيرها من الدراسات في الأدب الجزائري ككتب عبد الله حمادي وعبد الله ركيبي وعبد المالك مرتاض وآمنة بلعلا وكتب كثيرة أخرى. تبقى كل هذه الدراسات وغيرها مراجع مهمة مهدت لي الطريق للانفتاح أكثر على كثير من التجارب الإبداعية والتعرف أكثر على أبعاد الرمز وتوظيفاته الجمالية. وربما لم تتح لي الدراسة إنصاف كثير من الإبداعات او الوصول إلى الكثير من الأسماء والأعمال الشعرية ، وهذا تقصير يحسب على البحث والباحث معا، ولكن عسى أن يكون ما جمعناه من متون شعرية وشرف المقصد والصدق في التعاطي مع المتون الشعرية الكثيرة المتناولة ومحاولة إنصافها سيكون خير العزاء والشفيع عن كل تقصير. وبعد إقامتي الطويلة مع المتون الشعرية الجزائرية ومساءلة كثير من مضامينها ومحاولة استكشاف كثير من جمالياتها، ومن خلال هذه المعايشة أمكنني الخروج بجملة من النتائج ألخصها في النقاط الآتية: توظيفات الرمز في الشعر الجزائري تباينت من مرحلة لأخرى وتراوحت بين الاستعمال البسيط للرمز، ثم الارتقاء بالتوظيفات الفنية التي أستثمر فيها الشعراء الطاقات الإيحائية للرمز وعبروا بها عن أفكارهم ومشاعرهم. تعددت ثقافة الرمز في الشعر الجزائري وتآزرت مرجعياته الفكرية والفنية لتثبت استفادة الشعر الجزائري وانفتاحه على الرصيد الرمزي المحلي والعالمي الضخم، وكيف تفنن المبدعون في توظيفاتهم له إما بالمقاربة أو المجاورة أو حتى التجاوز للفن أحيانا، دون مفاضلة بين مجموع الروافد الثقافية الآنفة. توظيف المتن الشعري الجزائري للأسطورة والتاريخ تراوح بين الذكر ودمج الذات مع الحدث أو الشخصية التاريخية وعادتا ما يلجا في هذه التوظيفات لاستحضار جزئيات توحي بالرمز الأول ، ثم يضيف له إيحاءات رمزية جديدة يخرج بها الرمز القديم عن بعض دلالاته دون الخروج المطلق عن الدلالة الأولى الأم . اتكأت بعض التجارب الشعرية على اجترار بعض مضمون الرمز الأول في شكل اكتفاء ببعض الإشارات الموجزة ، وبعض الوسائط الدلالية التي تحيل للرمز الأول دون محاولة الارتقاء بتلك التوظيفات إلى منازل عليا لتوظيف الفني للرمز. مكاني وحاولوا بها خدمة واقع مفرد بطريقة فنية ، والخروج بالرمز إلى آفاق وحقول دلالية جديدة. سخرت بعض المتون الشعرية عدم الاكتفاء بالإسقاط المباشر للنص الغائب دون تجاوزه، وحاولت تجاوزه لزيادة معنى أو معاني تتجاوز الاجترار إلى الامتصاص والتحوير. كثف المتن الشعري الجزائري أيضا من توظيف الأسطورة، وكثيرا ما تعاملت معها بعض الإبداعات تعاملا سطحيا باهتا، لم يلامس عمقها وجوهر كينونتها. وقعت بعض التجارب الرمزية التي عكفت على توظيف الرمز الأسطوري إما في إغراق النص في الغموض وإثقال كاهل المتلقي برموز بعيدة عن بيئته، ولا تستوعبها ثقافته. وإما بإثقال هوامش بعض النصوص بالشروح والإحالات التي أضرت بفنية الشعر الذي يحبذ التلميح دون التصريح. لجأ بعض الشعراء لاستعمال بعض الرموز كقناع فني حاول فيه الابتعاد عن بعض حدود الغنائية والرومانسية أملا في تعرية الواقع ونقده والسخرية منه، وهو مطمح مشروع في عرف الفن إذا أجيد استغلال الأداة الفنية لتحقيق غايات نفعية. لجأ بعض الشعراء للالتفاف حول بعض الرموز، وآخرون كثفوا من استخدام كثير من الرموز في متن واحد. وكثيرا ما كان ذلك عبئا على النصوص خاصة إذا اتجه بالرمز إلى اللغة الخطابية التقريرية ، وأغرقه في منطق لغة السرد. حاولت بعض التجارب الصوفية الحديث عن حالة الغربة التي أصبح يعيشها الإنسان الراهن، وحاولوا الدمج بين العوالم الملموسة المشاهدة الظاهرة والعوالم الباطنية الروحية في شكل استحضار للتجارب الروحية، وشوق الروح إلى معاني روحية. حاول فيها ذووها توظيف قاموس لغوي مستقى من التجارب الصوفية الماضية الممعنة في التصوف، فكانت قصائدهم أشبه ما تكون برحلات وجدانية، حاولوا فيها تغذية أشعارهم بالتجارب السالفة وتكثيف تجاربهم أملا في إعطائها إيحاءات ودلالات جديدة ، ولكن لم تستطع الكلمات والسياقات الصوفية أن تنوب عن التجارب الصوفية المستغرقة التي تمتاز بالحلول والاستغراق والاتحاد في الشيء حتى يصبح جزءا منه ليطل من خلاله إلى ما حوله. والمواقف ، وحاولوا بها ربط الناس بالحياة الجديدة ، فكانت رموز المدينة حاضرة حاكوا بها مدن الشعر الحلمية بفنية نأوا بها عن ذكر الأبعاد الهندسية الحسية المعروفة، وجعلوها وجنباتها معادلا لتضاريس النفس وصخب الواقع. احتلّ "العدد" مساحة في الشعر الجزائري المعاصر، وكثير ما وظفه الشعراء للتعبير والإيحاء والبلوغ به أحيانا درجة الرمز، رغم قلة الدراسات والمراجع التي تناولت ذلك، وادعي لهذه الجزئية من البحث أن تكون فاتحة للتوسع أكثر في دراسة العدد الذي يمكن أن يتجاوز مجال العد والإحصاء إلى دلالات رمزية دالة على المبالغة والتضعيف وإيحاءات رمزية متعددة يكتسب العدد بها بعض رمزيته ، وتكسب بعض رمزية وسحر بعض الأعداد المعنى معاني وإيحاءات رمزية جديدة. ويبقى موضوع البحث حيزا متسعا لا يضيق لآراء أخرى ، والخاتمة لا تعني أبدا نهاية لفكرة البحث. وعسى الدراسة أن تكون قد أجابت عن بعض الأسئلة المرتبطة بالعنوان المقترح، وأن تكون قد أنصفت بعض المتن الشعري الجزائري المفترى عليه، وأثبتت للإبداعات الجزائرية بعض الخصوصية التي تميزها عن مثيلاتها في بيئات أخرى. ولكل أمر إذا ما تم نقصان ولا شيء نهائي في الفن. وآخرا وبعد حمد الله أقول أنه إذا كان لأثبت فضلا لأحد فالفضل سيكون لكل من جدد جذوة البحث في نفسي كلما وجد الملل طريقا له إلى نفسي، ولكل من أضاء لي قنديلا أضاء لي به دروب البحث ورغبني فيه. دون نسيان تأكيد الفضل للأستاذ الدكتور كمال عجالي الذي رعى الفكرة وتبناها حتى رأى هذا الجهد النور. وما ستقدمه اللجنة من ملاحظات وانتقادات ستكون لي ولغيري خير معين في أبحاثنا القادمة. والله المستعان