الدبلوماسية السيبرانية وجيوسياسية الفضاء السيبراني: بين مساعي الحوكمة وحسابات التنافس

Abstract

تسترشد هذه الورقة بمفهوم الدبلوماسية السيبرانية وبممارساتها لدراسة فرص بناء عالم سيبراني آمن في عصر يسوده التنافس الجيوسياسي، تمحور التساؤل الرئيسي للورقة على قدرة الدبلوماسية السيبرانية-كلون دبلوماسي جديد أملته ضرورات الاستجابة لمشكلات الفضاء السيبراني- على تخطي القيود الجيوسياسية الشديدة لبلوغ هدفها المتمثّل في حوكمة الفضاء السيبراني الحالي، وعلى ضوء هذا التساؤل، جرى تقسيم هذه الورقة إلى ثلاثة أقسام تعرّض أولها إلى معنى الدبلوماسية السيبرانية والمعالم البارزة في مسارها، ووقف القسم الثاني منها على مشكلات الفضاء السيبراني وأدوار الدبلوماسية السيبرانية، أما القسم الثالث فقد تم تخصيصه لاستعراض القيود التي وضعتها الجيوسياسية الحالية للفضاء السيبراني أمام إمكانات نجاح الدبلوماسية السيبرانية عالميا. خلصت هذه الورقة إلى تأكيد أهمية الدبلوماسية السيبرانية كأداة حاسمة لحماية مصالح الدول في الفضاء السيبراني بعيدا عن إخفاقات المعالجات التقنية والأمنية، وهي الأهمية التي تعزّزها التحولات العميقة التي أحدثتها الثورة الصناعية الرابعة ومظاهر الـ"عسكرة" المتزايدة لذلك الفضاء، غير أن تلك الأهمية لم تقابلها حتى الآن إنجازات عملية على صعيد التعاون الدولي والالتزام بالقواعد التي تكفل سلمية الفضاء السيبراني، فقد أدى التضارب في مواقف القوى الجيوسياسية الكبرى-التي هي نفسها القوى الأكثر قدرة على رسم معالم المشهد السيبراني العالمي- إلى تقويض جهود الدبلوماسية السيبرانية بفعل تناقض مصالحها الجيوسياسية ومرجعياتها القيمية، وكنتيجة لذلك تحول الفضاء السيبراني إلى ما يشبه مجالا لحرب باردة جديدة بين الشرق والغرب.