دور القبائل اليمنية في نشأة التشيع والمعارضة الشيعية من تمصير الكوفة الى وقعة عين الوردة 17هـ ـ 65هـ/ 638م ـ 648م

Abstract

تهدف الاطروحة الى البحث في العلاقة بين التشيع بوصفه منظومة فكرية عقدية وكتلة سياسية راغبة في السلطة وبين القبائل اليمنية الي استوطنت الكوفة بعيد تمصيرها وكانت عناصرها من بين أهم المصادر التي غذت التيار الشيعي الذي ساند عليا في نزاعه مع مخالفيه ثم تحولت الى صف المعارضة لما استتب الأمر لمعاوية ومن خلفه. وقد توزعت مهمة استقصاء على أربعة فصول تخصص كل فصل منها في بحث طبييعة العلاقة واشكال الفعل التاريخي حسب فترة زمنية محددة رسمتها خصوصية الأحداث المهمة فيها؛ حيث تجرد الفصل الأول للتنقيب في الجذور الجغرافية والاثنية للقبائل اليمنية في مرابعها الأولى في اليمن واطرافه والسياقات التاريخية التي انخرطت فيها هذه القبائل في الإسلام ومن ثمة في حركة الفتوحات الكبرى التي قادتها من مواطنها باليمن الى الأمصار الجديدة خاصة الكوفة. كما جرى البحث في حيثيات تمصير الكوفة وإجراءات توطين القبائل فيها خاصة القبائل اليمنية حيث دشنت هذه العملية بداية الفعل السياسي في الأمصار وجعلت الكوفة أهم مصر قاد عملية الاعتراض على الخليفة عثمان وقتله في النهاية. اما الفصل الثاني فقد تخصص في البحث في سياقات ظهور التشيع وتحوله من الطبيعة السياسية الى الدينية في ارتباطه بشخصية علي على خلفية الصراع الذي خاضه علي ضد معارضيه بداية من استخلافه الى غاية مقتله والدور الهام الذي قامت به القبائل اليمنية في دعمه ونصرته وتحليل اللحظة التاريخية التي اخذ التشيع فيها يتحول الى منظومة دينية. اما الفصل الثالث فقد انحصر في استقصاء اشكال العلاقة المتوترة بين السلطة الأموية والقبائل اليمنية في الكوفة التي انخرط كثير من أبنائها في حركات الاعتراض التي بلغت ذروتها في حركة حجر بن عدي الكندي ثم في حركة الحسين بن علي وقد باءتا بالفشل وتحقق للسلطة الأموية الممثلة بمعاوية ثم ابنه يزيد من بعده القضاء على حجر والحسين. كما جرى في هذا الفصل البحث في الأدوات التطويعية والترويضية التي مارستها السلطة الأموية في العراق عموما وفي الكوفة خصوصا لغرض اجهاض الكتلة الشيعية وفك وحدتها ولحمتها. وتم في الفصل الرابع بحث النشاط الشيعي المسلح الذي قام في وجه السلطة الأموية بعد مقتل الحسين الذي مثلته حركة التوابين ثم حركة المختار بن عبيد الثقفي من خلال استعراض الظروف التي قادت الى الثورة وتسليط الضوء على الدور اليمني الذي عزز من قوة هاتين الحركتين رغم فشلهما في النهاية. وقد خلص البحث في الأخير الى جملة استنتاجات أجملتها فيما يلي: ـ اختارت القبائل اليمنية بالكوفة مساندة علي لأسباب عدة أهمها العلاقة التاريخية التي ربطت بين علي وبعض قبائل اليمن حينما بعثه النبي داعيا ومعلما والأمر الآخر هو مشروع التسوية وعدم التفضيل الذي رفعه علي في وجه دعاة الإبقاء على السياسة المالية التي سنها عمر. إضافة الى حضور بعض الموروثات التاريخية لبعض القبائل التي عرفت في تاريخها تقاليد ملكية مثل كندة وحمير والتي تتفهم الشكل الوراثي السلالي للحكم. ـ استمرت القبائل اليمنية في دعمها للحسن بن علي لكن سياسة الترغيب والترهيب التي مارسها معاوية ضدها نجحت في احداث بعض الشروخ التي ظهرت في المواقف المضطربة التي تبناها زعماؤها في قضية حجر بن عدي. وقد تعزز الاضطراب والاختلاف في حيثيات ثورة الحسين ومقتله؛ بحيث تكاد الروايات تكف عن الحديث عن اليمنيين بوصفهم كتلة قبائل متشيعة الى ذكرهم كعناصر فردية وجماعات نشطة خارج القبيلة الأم ـ تحضر العناصر اليمنية في ثورة المختار والتوابين ضمن عناصر أخرى من قبائل قيسية بجوار الموالي والعناصر غير العربية في إشارة الى بدايات خروج التشيع من جبة القبلية اليمنية وانفتاحه على بقية العناصر المشكلة للمجتمع الإسلامي ليتحول فيما بعد الى أيديولوجيا عامة معارضة للايديولوجية الاموية تستقطب كل الساخطين على الحكم الأموي. ـ ـ بفعل المآسي التي تعرض لها أبناء علي وبسبب من تعقيد الحياة السياسية في ظل الحكم الأموي تطور التشيع من كونه موقف سياسيا واضحا الى منظومة فكرية دينية راحت تتعقد وتتعمق وتستمد ادواتها ومقولاتها من مصادر مختلفة؛ خاصة بعد انفتاحها على تراث الأمم الأخرى لينافس فيما بعد المنظومة السنية على قاعدة الصراع على السلطة.