Résumé:
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات:
بحوله تعالى تحت كتابة هذه الرسالة، نوجز في ختامها أهم النتائج العامة، و الآفاق
المستقبلية التي نرجوها بعون الله تعالى.
إن الوقف مؤسسة إسلامية قانونية، و اجتماعية و ثقافية، هي محور اقتصادي، يمت
بتقاليده للإسلام منذ فجر الإسلام، و هي إلى جانب ذلك لها من المرونة بحيث لا تستعصى
على التطور و القدرة على الوفاء بما توفره من رصيد مالي لا ينضب، و ما تيسره من أسباب
التقدم، و التنمية في مجال أهدافها التي من أجلها أنشأت.
فهذه المؤسسة لا تختلف بصددها النظريات الفقهية و القانونية، من حيث الإنشاء، إلا
أﻧﻬا تختلف عن المؤسسات الاقتصادية و التجارية، لكون كيان مؤسسة الوقف يصدر عن إرادة
المؤسسين الفردية، و اتصاف أموالها بالديمومة، و أفضل من ذلك عدم قابليته للتصرف في أصله،
بل للاستحقاق و الانتفاع من ريعه و منافعه، و هذا من طبيعة مؤسسة الوقف ذات الطابع
الخاص من حيث الإنشاء و الهدف.
حيث يستمد نظام مؤسسة الوقف شرعيته في الجزائر من قانون الأوقاف كمصدر أول
مع الاستعانة بقانون الأسرة الذي يعد امتدادا للشريعة الإسلامية. و هذا ما عملت الجزائر على
تقنينه في مختلف الميادين، و عملت على تنظيم مجالات الحياة- و يشمل ذلك - نظام الوقف.
و نظرا للدور الذي قدمته مؤسسة الوقف، و الأهمية التي حظيت ﺑﻬا، من حيث استغلال
الأموال استغلالا عقلانيا، كانت نتائجه بارزة في العديد من الدول العربية الإسلامية و مثالها
مؤسسة الوقف في فلسطين، إلا أن هذه المؤسسة لم تحظ بالاهتمام الجدي بقدر أهميتها، و ذلك
لكون الأوقاف إلى اليوم و خاصة في الجزائر تخضع لإدارة وزارة الشؤون الدينية، و هذا ما
نلاحظه من خلال الهيكل التنظيمي للإدارة ذاﺗﻬا، مما أدى و سيؤدي إلى ركود أموال الوقف
بصفة غير مجدية و يبقى الحال على ما هو عليه. و حتى تستغل هذه المؤسسة و تستثمر أموالها طبقا لما جاء به الفقه الإسلامي و القانون الجزائري و إتباع الطرق الحديثة في التسيير و الإدارة
أقترح ما يلي: - أن تقام المؤسسة و تدار على أساس اقتصادي، و تكون تحت إشراف هيئة اعتبارية
مستقلة، تحت إشراف ذوي الكفاءة العالية، حتى تمكن من إدارة أموال هذه المؤسسة
على الوجه الشرعي و القانوني. - يتطلب أن تكون لهذه المؤسسة العريقة إدارة حديثة بمواصفات المؤسسة الاقتصادية،
و تتناسب مع وظيفتها، و تكون مهمة هذه المؤسسة استثمار أموال الوقف، طبقا
للتطورات الجارية في الميدان الاقتصادي و التجاري. - يستوجب إحداث إدارة للأوقاف، تتمتع بشخصية اعتبارية، و هذا طبقا لأحكام
الشريعة الإسلامية و القانون الجزائري الذي نص صراحة على أن الوقف ذو أهلية
وجوب مستقلة عن الواقف و المستحقين (الموقوف عليهم) كتحمله بالدين و حقه في
الضمان، و هذا ما قطعته المادة 5 من قانون الوقف الجزائري. - محاولة التوفيق بين أحكام الشريعة الإسلامية و أحكام القانون الخاص بالوقف لتفادي
التناقضات التي تخلق منازعات الوقف. - و بالنتيجة تكوين قضاة في دورات تدريبية حول مواضيع الوقف المختلفة لاسيما
الأحكام التفصيلية له في كتب الفقه و خاصة الحديثة التي تناولت الموضوعات الجديدة
كالإدارة و الاستثمار.
و صفوة القول، بعد دراستي لهذا البحث، و من خلال مراحله تبين جليا أن في الشريعة
الإسلامية أنظمة فعالة تشمل جميع ميادين الحياة في الجزائر، و لو أن المشرع رجع إليها
و حاول، إسقاطها على أنظمتنا القانونية الحديثة، لكان كل نظام قد سد فراغ النظام الآخر،
و أن اﻟﻤﺠتمع الجزائري، صار يضاهي اﻟﻤﺠتمعات الراقية و لا تخفيه العولمة – لأن شريعتنا الغراء هي
المصدر الأصلي و التاريخي للعالمية.