مشكل الحديث عند الإمام أبي بكر بن العربي من خلال كتابه عارضة الأحوذي

Abstract

احتاج البحث الموسوم بمشكل الحديث عند الامام ابي بكر بن العربي من خلال عارضة الاحوذي الى التعريف بالامام الفقيه الاصولي اللغوي ابي بكر بن العربي الاندلسي و عصره، و الى التعرض الى المفاهيم المتعلقة بعلم المشكل و ما يعنى به وبيان الفارق بينه و بين المخلف و عموم التعارض، كما استدعى البحث بيان منهج ابن العربي في دراسة و توجيه مشكل الحديث و التعريف بانواع التعارض التي تناولها الامام في عارضته و اهم مسالكه في رفع مشكله اثناء شرحه لاحاديث سنن الامام الترمذي، و عليه جاء البحث في فصل تمهيدي و اربعة فصول؛ الاول منها نظري و الاخرى تطبيقية. اما الفصل التمهيدي فقد تناول التعريف بالامام ابي بكر بن العربي و كتابه عارضة الاحوذي، و تضمن مبحثين؛ الاول في عصر الامام ابن العربي، ووقفت فيه عند الحياة السياسية و الاجتماعية، ثم اتممته بحياة ابن العربي؛ ذكرت فيه اهم المحطات المترجمة له من مولده ونشاته، ثم رحلته في طلب العلم، و اهم شيوخه، و مكانته العلمية، و ثناء العلماء عليه، و تلاميذه، و اثاره العلمية، ووفاته، وتبين بعد هذه السياحة التاريخية و الترجمة لعصره وحياته اثر البيئة و الاسرة في تكوين الامام ابن العربي تكوينا صلبا في مختلف العلوم، اذ شهد عصره حصارا سياسيا و علميا عجيبا كان له بعد في حياته الشخصية و العلمية و بعث الهمة في نفسه و تقوية عزيمته لطلب العلم و الرحلة له و اللقيا مع كبار علماء الدين في عصره كالغزالي و الشيرازي و الطرطوشي و غيرهم من مختلف المدارس و المذاهب، و كللت حياته العلمية بنتاج علمي رفيع فمؤلفاته ذات الجودة الفائقة و الضبط الدقيق شملت انواعا من التخصصات و الفنون من التفسير و الاصول و الفقه و شرح الحديث و علم الكلام و الجدل و غيرها. اما الفصل الاول ذو الاتجاه النظري لعلم المشكل فمكون من مبحثين متكاملين حول علم المشكل اساسا؛ ليشمل الاول الكلام عن الاهمية منه و التاليف فيه و علاقته بانواع التعارض الاخرى كالمختلف، و اما المبحث الثاني ففصلت فيه الحديث عن اسباب المشكل و شروطه، و بصورة اوسع شمل الفصل التعريف بمشكل الحديث و علاقته بمختلفه، و عرضت مسالة تحقق المشكل في الحديث بين المانعين و المجيزين مع التنبيه على علاقة مشكل الحديث بالمختلف و التعارض و الفرق بين الثلاثة، ثم عرجت الى اهمية علم مشكل الحديث و التاليف حوله، و ختمت الفصل بمبحث ضمنته شروط المشكل الاساسية من ان يكون الحديث مقبولا صحيحا محتجا به مع اتحاد جهة الاشكال في الزمان و المحل و الجهة و تحقق التناقض و المساواة بين الدليلين و التباس المعنى وتشابهه في ذاته او مع غيره، ثم انتقلت الى اهم اسباب المشكل في الحديث و هي كثيرة، ارجعت بعضها الى الرواية كتعدد الروايات و الرواية بالمعنى و التصحيف و التحريف و الجهل باسباب ورود الاحاديث و الادراج في المتون و الوضع و الجهل بالزيادات الحديثية و غريب الحديث و كثرة الاختلافات في النسخ الخطية للاصول المروية، و انهيت اسباب المشكل بما يتعلق بمنهجية فقه الحديث و دلالته و النظر فيه كالجهل بالنسخ في الاحاديث؛ فهو سبيل للتعارض و كذلك الجهل بتوجيه دلالة السياق لمعاني المتون يشكلها، و خلصت الى ان تغليب العقل من غير ضابط على النقل و التعصب المذهبي مطية لاستشكال النصوص. اما الفصل الثاني فهو بداية الدراسة التطبيقية لعلم المشكل على عمل ابن العربي من خلال عارضة الاحوذي تجتمع اجزاؤه في مبحثين للتعريف بمنهج ابن العربي في دراسة و توجيه مشكل الحديث؛ الاول: فيه الكشف عن المعالم التي تناول وفقها المشكل في عارضة الاحوذي، بينت في المطلب الاول منه دور النقد الحديثي في تحليل مشكل الحديث عند الامام ابن العربي، متدرجا وفق فروع بحثية ضرورية بداية من الاشارة الى ملكة النقد الحديثي عند ابن العربي من نقده لرواية بعض الاحاديث في المصنفات المشهورة و تناول الاختلافات و الاوهام المتعلقة بالمتون المشكلة باحكام نقدية سواء نقلها عن غيرها او من عنده، ثم اجتهدت في جمع ملامح نقد المتن المشكل عند الامام اثناء شرحه، كنقده للمتون المشكلة لاختلاف يكون في الرواية، او اختلاف يكون في مضمون المتون مع القران الكريم او مع اصول الشريعة، ثم عرفت في مطلب منفرد بالمنهج العام لقراءة و فهم المتن عند ابن العربي و التي من خلالها اجاب و تعامل مع المشكل، فاصلت فيه لملامح تحليل و قراءة المتن عند ابن العربي و تفسير الملتبس و الخفي من معاني الكلام و ما يوهم التناقض فيه و طريقة نظره لسياق الكلام للمتون، ثم بينت ضرورة التكامل بين العلوم في فهم المتن من فقه الحديث و الاصول و المقاصد و شرح الحديث وبيان معناه الاجمالي، ثم انهيت المطلب ببيان منهج ابن العربي في عرض المشكلات الحديثية التي يدرسها بالمنهج الوصفي التحليلي و الثاني بالمنهج الجدلي، و اما المبحث الثاني من هذا الفصل فهو لعرض توجيهات ابن العربي للاحاديث المشكلة في ذاتها وفق مطلبين؛ فالاول فيه تناول مشكل المعاني الخفية و الغيبية، و فيه: متون مشكلة لاحتوائها معاني مستحيلة الادراك عقلا، ثم اشكال متشابه المعاني و مشترك الالفاظ في المتون، ثم مشكل تردد الالفاظ بين الحقيقة و المجاز، يليه المطلب الثاني؛ و الذي يدرس لغة الالفاظ و انتظام السياقات، ضمنته مشكل فهم الاحكام و منهج تفسير مشكل اجزاء في تراكيب غير مستساغة مع بعضها، و مشكل افتقار سياق الكلام الى مزيد بيان لادراك المعنى المراد، لاختمه بالكلام عن توجيه مشكل توارد الاحتمالات المفسرة لمعاني الالفاظ، ثم ياتي الفصل الثالث؛ وفيه دراسة تناول ابن العربي لوجوه تعارض الحديث في عارضة الاحوذي، و هي وجوه عديدة رتبتها حسب الاهمية، بدات بتوهم تعارض الحديث مع القران الكريم، ثم توهم تعارض الحديث مع الحديث، ثم وجوه تعارض الحديث مع اصول الدين و التشريع و مسلمات الكون، يليه الفصل الرابع و خصصته لمسالك رفع المشكل عند الامام ابن العربي في عارضة الاحوذي من الجمع و التوفيق بين المشكل الى وجوه الترجيح. ثم ختمت البحث بخاتمة لاهم نتائجه و بيان ما ظهر لي من خلال فصول الدراسة من وضوح لمنهج الامام ابن العربي باعتبار عمق الصناعة الحديثية لديه و كذا تعدد مقاييسه في نقد المتون قصد كشف اللبس و الوهم في فهم معانيها و ضبط دلالات الفاظها و استقامة سياقاتها وفق رؤية فقهية اصولية مكتملة المعالم، يميل فيها الى الجمع و التاويل توفيقا بين الاحاديث المشكلة اكثر من اعماله الترجيح بينها، و اتسمت اغلب اجاباته بالكثرة و التعدد و الاحتمال عن كل مسائل المشكل او وهم التعارض و التناقض لرد الحديث.