Résumé:
يتمحور موضوع هذه الدراسة حول مسألة من الأهمية بما كان، وهي طرائق استلهام المادة التراثية في النصوص المسرحية المغاربية؛ الجزائرية والتونسية والمغربية، باختلاف توجهاتها، حيث عمد المسرحيون المغاربيون ومنذ فترة بعيدة على العودة إلى المادة التراثية بكل مكوناتها الحكايات الشعبية والخرافات والأساطير وغيرها، ليس هذا وحسب، بل شكلت الوقائع التاريخية التي حدثت فعلا ومعها التراث الإسلامي بكل تفاصيله الصغيرة قبل الكبيرة وشخصياته التي تركت بصمتها في العقل والوجدان، شكلت كل هذه المقومات مادة خصبة للأعمال المسرحية المقدمة منذ البدايات الأولى للقرن العشرين وحتى ما قبله من طرف مختلف المسرحيين تأليفا وإخراجا على غرار ولد عبد الرحمن كاكي وعبد القادر علولة من الجزائر، وعز الدين المدني من تونس، وعبد الكريم بالرشيد من المغرب وغيرهم كثير، ممن أغنوا الفن المسرحي بأعمالهم المستلهمة للتراث بمختلف تفاصيله.
والجدير بالذكر أن استلهام المادة التراثية في الأعمال المسرحية المقدمة لم يكن بهدف اجترار التراث في حد ذاته، وإنما كانت لهدف آخر بالغ الأهمية وهو الإسقاط، إسقاط ما يتماشى مع الواقع المعيش وإيقاظ الوعي لدى الجماهير من خلال النقد والتحليل، لهدف واحد وهو العمل على التغيير في جميع مناحي الحياة: الاجتماع والاقتصاد وحتى السياسة، وفي هذا وجد المسرحيون المغاربيون ضالتهم في مبادئ المسرح الملحمي البريختي والذي سعى من خلاله بريخت إلى إيقاظ وعي الشعوب والسعي نحو رفض الواقع والعمل على تغييره.