Résumé:
إن إمكانية التفكير في نصوص ميشيل فوكو هي علامة مميزة، ليس فقط بعناوينها ومفاهيمها، بل أيضا بسياقاتها وقدرتها النوعية على توليد معضلات معرفية جديدة كانت على الانفجارات: الجنون، السلطة، الحقيقة، الجنس.. إلخ. لقد أعادت هذه الخصوصية رسم جغرافية الفكر الغربي ككل، بدءًا من المعايير المتعالية مرورًا بعبور الحدود المألوفة والتشكيك في هوامش الخطاب، وبالتالي التحدث خارج أفق كل المعقولية. سعى ميشيل فوكو إلى كشف الأصول وتوضيح هشاشتها من أجل إرساء استراتيجية مختلفة، وليس منهجية مختلفة، قادرة على خلق رؤية جديدة للإنسان وما ينتجه على مستوى الخطاب. وتكمن تفرد هذا المشروع الفكري النقدي في أنه مشروع تفكيكي تحرري يهدف إلى تحرير الإنسان وبناء الذات الفردية بعيدا عن الاغتراب والقهر والقمع، باعتبار أن الإنسان في الحقيقة لم يتمتع بحريته واستقلاله، لأن من التجاوزات التي يتعرض لها باستمرار من قبل السلطة والمجتمع الحديث، وبذلك تظهر أولى بوادر خلع كل أنواع اليقين الزائف، ولكل من يريد ترسيخه وإدامته عندما يسود ويطرح نفسه على أنه الإمكانية الوحيدة التي يمكن فيها فالناس يدركون تاريخهم، لذلك نجد في النهاية أن القراءة الأثرية للحقيقة والسلطة ليست سوى حاضر متفجر يتجاوز كل الأشكال التقليدية العقائدية الموثوقة التي تؤسس لرواية الحقيقة والقوة، وتفتح الطريق أمام المعرفة. إمكانيات إشباع السؤال الأثري بمزيد من التعمق في هذه الثنائية (الحقيقة والسلطة).