الإنتقال الديمقراطي في ظل النظام السياسي التونسي بعد الثورة

Abstract

تحظى العملية الانتقالية الديمقراطية في تونس بأهمية كبيرة، و هو ما جعلنا نركز على النظام السياسي؛ و بصورة أدق النخبة السياسية و المدنية كوحدة تحليل أساسية في دراستنا. التي سعت إلى الكشف إلى عن طبيعة هذه العملية و التطورات التي شهدتها، و مدى استفائها للشروط الضرورية لإنجاح المسار الديمقراطي فيها . بناءا على ما سبق، قمنا بفحص مختلف مساقات الانتقال في الجمهورية الأولى ثم الجمهورية الثانية، و ذلك بالتركيز على دور النخبة السياسية و المدنية في تثبيط أحيانا، و تعزيز أحيانا أخرى العملية الانتقالية. و إثبات مدى نجاعتها في استكمال متطلبات الدمقرطة و الولوج في مرحلة التوطيد التي تحتاج إلى تظافر الجهود لتحقيق الاستقرار و الاستمرار. خاصة و أن التجربة جاءت في ظل ظروف سياسية و أمنية و اقتصادية و اجتماعية صعبة على المستوى الداخلي، و في بيئة إقليمية متأزمة بفعل تداعيات الثورات العربية . إلى غاية سنة 2019، كانت التجربة الديمقراطية التونسية تشكل تميزا سياقيا في المنطقة العربية بفضل تدرجها من عملية التحرر إلى عملية التحرير وصولا إلى الانتقال الديمقراطي و الشروع في مرحلة التوطيد. هذا الاستثناء ميزته خصوصية الممارسة السياسية للفواعل السياسية و المدنية التي تجاوزت الأزمات المتتالية خلال المسار الانتقالي بإحلال التوافق و إن كان مرتبطا بالضغوطات السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية. غير أن منطق التنازل و المفاوضات بقي ملازما للعملية الانتقالية بعيدا عن الانزلاقات العنيفة، و هو بالضبط ما التزمت به حركة النهضة التي شكلت رقما مهما و محوريا في اللعبة السياسية في تونس مابعد الثورة، حيث نجحت في كثير من المحطات من خلال استراتيجيتها في التكيف مع الأوضاع الجديدة و تجاوز الأزمات السياسية إما بالتنازل عن الحكم، أو المشاركة ضمن تحالفات سياسية. و يرجع ذلك إلى عقيدتها السياسية المرنة، التي أثبتت نجاعتها في مسايرة المستجدات السياسية لدرجة التخلي النهائي عن مرجعيتها الإخوانية و بناء مرجعية جديدة (المسلمون الديمقراطيون) تستجيب لمتطلبات الدولة المدنية و نظام حكم قائم على الحرية و العدالة . إن التجربة الانتقالية التونسية و إن نجحت في تجاوز الأزمات السياسية، من خلال النجاح في مسارات الحوار الوطني التأسيسية و الانتخابية و الحكومية، إلا أنها تواجه نظاما سياسيا هجينا أنتجه دستور 2014، خاصة ما تعلق بالعلاقات المعقدة بين المؤسسات السياسية الرئاسية و الحكومة و كذا التشريعية، مع تأخر في استكمال بناء المؤسسات القضائية و الدستورية - المحكمة الدستورية، الأمر الذي صعب معه تكييف هذا النظام ضمن الأنظمة السياسية الموجودة، و استدعى ضرورة تغييره كأساس لتوطيد الديمقراطية في تونس . بخلاف حالة التركيز على الدور المحوري للنخب السياسية في أدبيات الانتقال الديمقراطي، أثبت النموذج التونسي الدور الجوهري للمجتمع المدني في عملية الانتقال، سواء بالضغط على النخبة السياسية لاستكمال متطلبات المرحلة الانتقالية، أو بالوساطة بين الفرقاء السياسين خلال الأزمات السياسية. و هو ما أدى إلى نيله جائزة نوبل للسلام سنة 2015، بعد نجاحه في إعادة العملية الديمقراطية إلى مسارها السليم. و لا يزال يشكل رقما مهما في اللعبة الديمقراطية التونسية . The process of democratic transition in Tunisia is of great importance. That is why we have focused on the political system, More precisely, the political and civil elite as a fundamental unit of analysis in our study, which has sought to reveal the nature of the process, the developments that have taken place and the extent to which it has met the conditions necessary for the success of the democratic process. Based on the above, we examined the various transition competitions in the First Republic and then the Second Republic, focusing on the role of the political and civic elite in sometimes discouraging the transition process, and on other occasions promoting the transition process. and to demonstrate their effectiveness in completing the requirements for consolidation and entry into the consolidation phase, which need to demonstrate efforts to achieve stability and sustainability. Especially since the experience came under circumstances. Until 2019, the Tunisian democratic experience was a contextual distinction in the Arab region , thanks to its integration from the process of liberation to the process of liberation, leading to the democratic transition and beginning the consolidation phase with a view to achieving it. This exception is characterized by the specific political practice of political and civil actors that have overtaken successive crises during the transition process by establishing consensus, although it is linked to political pressures. This is due to its flexible political doctrine, which has proved to be effective in keeping up with political developments to the point of finally abandoning its fraternity and building a new reference (democratic Muslims) that responds to the demands of the civil State and a system of governance based on freedom and justice. Although Tunisia's transitional experience has succeeded in overcoming political crises through successful national constituent, electoral and governmental dialogue, it faces a hybrid political system produced by Constitution 2014, particularly with regard to the complex relations between the presidential political institutions and the Government as well as the legislature, and the slow completion of the building of judicial and constitutional institutions. Unlike the focus on the central role of political elites in the literature of the democratic transition, the Tunisian model has demonstrated the essential role of civil society in the transition process, whether by pressuring the political elite to complete the requirements of the transition, or by mediating between political parties during political crises. He was awarded the Nobel Peace Prize in 2015, after successfully restoring the process.