كومنولث الدول المستقلة في التصور الإستراتيجي للسياسة الخارجية الروسية

Abstract

Since the emergence of the Russian Federation as an independent state from the Soviet Union, it has strived to create an exclusive sphere of influence within the former Soviet space. This allows Russia to establish a new strategic depth against new threats of the New World Order. The reintegration of the former Soviet Republics, which belong today to the geopolitical sphere of the Commonwealth of Independent States, was on Russia’s agenda from the moment of the Soviet Union’s disintegration. After nearly three decades, Russia is still struggling to achieve this strategic goal under the pressure of two opposing dynamics. While one pushes towards the fragmentation of the region and the breakdown of its countries from the Russian Federation, the other tries to invest in the Soviet heritage and instill a new regional hegemonic order that is centralized on Russia. On this basis, this study aims at discussing the policies and mechanisms of Russian foreign policy towards the Commonwealth of independent states. The findings show that Russia adopted a diversity of collective and bilateral policies and mechanisms to control the countries of the region. On the one hand, Russia has promoted a regional integration of the Commonwealth countries through its political, military and economic projects and initiatives. On the other hand, it mobilizes various capabilities to exert traditional and new forms of influence on those countries to prevent them from being drawn into other regional and international powers that aims at undermining its influence in that region. However, Russian efforts collided with a complicated and competitive environment that hindered its various projects and policies to re-establish its hegemony over the Commonwealth countries. This leads to say that the region is on the verge of a further turmoil and disintegration. منذ ظهور روسيا الاتحادية كدولة مستقلة عن الاتحاد السوفيتي، سعت جاهدة إلى إنشاء مجال نفوذها الحصري داخل الفضاء السوفياتي السابق. وهو المعطى الذي شكل جوهر وصميم الاستراتيجية الروسية التي هدفت لتشكيل الظروف التي تستطيع روسيا في إطارها تأسيس وتأمين عمق استراتيجي جديد ضد التهديدات العسكرية والجيوسياسية والإيديولوجية الجديدة لعالم ما بعد الحرب الباردة . لقد كانت مسالة اعادة دمج تلك الجمهوريات السوفيتية السابقة، و التي تنتمي اليوم للمجال الجيوسياسي المتمثل في كومنولث الدول المستقلة على جدول أعمال روسيا منذ اللحظة التي تفكك فيها البناء السوفيتي واستقلال مختلف جمهورياته عن روسيا الاتحادية. و بعد ما يقرب من ثلاثة عقود من الزمن؛ لا زالت موسكو تصارع من اجل تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي تحت وطاة ديناميكيتين متعارضتين في الاتجاه والدوافع و الاهداف. ديناميكية تدفع باتجاه تجزء المنطقة و انفلات دولها عن دائرة النفوذ الروسي، وديناميكية جذب تقودها روسيا الاتحادية تحاول الاستثمار في الإرث السوفيتي، وتبحث عن تأسيس نموذج سيطرة إقليمي جديد قادر على ترسيخ و استدامة هيمنة المركز في موسكو على كامل مجال الكومنولث. بنا عل ما سبق؛ تصبو هذه الدراسة الاستكشافية التحليلية للبحث في أهم السياسات والآليات التي انتهجتها روسيا في تحركها تجاه دول الكومنولث. حيث أظهرت نتائج الدراسة أن روسيا اعتمدت مزيجا متنوعا من سياسات و اليات الهيمنة الجماعية والثنائية على دول المنطقة. فقد حاولت من خلال المشاريع والمبادرات التكاملية التي طرحتها وروجت لها لربط دول الكومنولث بمختلف البنى والهياكل السياسية والعسكرية والاقتصادية لتلك المشاريع. كما عملت بالموازاة مع ذلك على تعبأة مختلف قدراتها الاستراتيجية المتاحة وتوظيفها وفق أنماط متنوعة لممارسة نفوذها على تلك الدول، ومنعها من الانسياق وراء سياسات القوى الإقليمية والدولية الهادفة لتقويض نفوذ روسيا بالمنطقة، غير أن مساعيها اصطدمت بواقع شديد التعقيد والتنافسية حال دون تمكنها من تجسيد هيمنتها على دول الكومنولث، وبات ينبئ بأن المنطقة مقبلة على مزيد من الاضطراب والتفكك.