أصول التفسير عند الإمام إبن عطية الأندلسي من خلال تفسيره (المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز)

Abstract

هذا البحث عبارة عن دراسة للأصول التي تم إستقرائها في تفسير "المحرر الوجيز" للإمام ابن عطية الندلسي، أردت من خلله الكشف عن القواعد التي اعتمد عليها الإمام ابن عطية في تفسيره، ردا لبعض الاقوال التفسيرية و ترجيحا لاخرى، و بيان أن عملية التفسير ينبغي أن تكون قائمة على قواعد و أصول ضابطة لها، معينة على معرفة المراد من كلم الله تعالى. و جاء هذا البحث تحت عنوان" أصول التفسير عند الإمام ابن عطية الأندلسي من خلال تفسيره المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز"، اشتمل على جانبي: جانب نظري و جانب تطبيقي. حرصت في الفصل الاول الذي جاء بعنوان:" ماهية علم أصول التفسير" إلى الكشف عن معالم علم أصول التفسير، و استدعى ذلك تقسيمه إلى مبحثين، جاء المبحث الاول تحت عنوان مدخل إلى علم أصول التفسير، و بينت في المطلب الاول اختلف العلماء في تسمية هذا العلم، و تحديد تعريف دقيق له، و أنه لا يزال في طور النشأة يحتاج إلى مزيد من جهود الباحثي لإنضاجه، و تم سرد تعريفات مختلفة له، و توصلت إلى إبراز أكثر التعريفات المؤسسة لمستقلاله العلمي، موضحة في ذلك أن عملية التفسير ينبغي أن تكون قائمة على أسس و قواعد يتوصل بها إلى مراد الله تعالى بقدر الطاقة البشرية، و عالج المطلب الثاني العلاقة التكاملية بينه و بين غيره من العلوم، كأصول الفقه والتفسير، وعلوم القرآن. و لإعطاء صورة واضحة عن مفهوم هذا العلم، تناول المبحث الثاني نشأة أصول التفسير و مباحثه، تطرق المطلب الأول منه إلى نشأة علم أصول التفسير عبر مراحله التاريخية من عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- و السلف الصالح إلى الإشارات الضمنية لمسائل هذا العلم في ثنايا الكتب، ثم مرحلة بداية نضوج هذا الفن، و هي مرحلة التدوين المستقل لعلم أصول التفسير، و لان علم أصول التفسير لا يزال في طور النشأة كان تحديد مواضيعه و مباحثه من الصعوبة بمكان، إذ ليس هناك تحديد دقيق مسائله بل هو متوقف على اجتهاد الباحثي و هذا ما انصب الاهتمام عليه في المطلب الثاني و تبين أن مباحث هذا العلم و موضوعاته قد تفرقت و تناثرت في عدد من المصادر المختلفة منها: القرآن الكريم، و مقدمات التفاسير، و كتب أصول الفقه، و كتب علوم القرآن...و غيرها من مظان هذا العلم. و يهدف الفصل الثاني الذي حمل عنوان "التعريف بابن عطية و بمصنفه" إلى إلقاء الضوء على حياة ابن عطية، و الوقوف على ما شمل تفسيره، و بيان أهميته، و أثره على التفاسير التي جاءت بعده، حيث حرص المبحث الأول على تقديم ترجمة للإمام ابن عطية، من خلال مطلبين، عالج المطلب الأول الحياة الشخصية للقاضي ابن عطية في خمسة فروع، تبين من خلالها أنه عاش في ظل دولة المرابطين و كان له دور بارز، فقد ولي القضاء و كان يكثر الغزوات في جيوش الملثمين، و نشأ -رحمه الله- في بيت علم و فضل، و كان أجداده من العلماء المشهورين في زمانهم في مختلف العلوم و المعارف، و كان لهذا الجو الاسري العلمي أثرا بارزا في تكوين شخصيته العلمية، بل كان من أعيان المالكية، و اتخذ من الشعرية مذهبا عقديا، و هذا ما بينه الفرع الرابع من هذا المطلب، و تم الاستدلال على ذلك بكلامه المبثوث في تفسيره، و في ختام هذا المطلب كان الحديث عن وفاته في الفرع الخامس، و تبين أنها كانت سنة(541 ه) على أصح الاقوال. و تناول المطلب الثاني الحياة العلمية للقاضي ابن عطية، و قد تم تقسيمه إلى عدة فروع، بداية من إلقاء الضوء على الحركة العلمية في عصر المرابطين، و تبين أنها عرفت ازدهارا و رواجا، أنتجت علماء أفذاذا، نهل ابن عطية من معارفهم، و ساهم ذلك في إقبال طلبة العلم على دروسه، و لم يقتصر ابن عطية في الاخذ عن شيوخه، بل رحل إلى كبريات مدن الاندلس طالبا العلم، حتى صار علما بارزا في فنون عديدة ،كان محط ثناء العلماء و مدحهم، و رغم أنه لم يترك مؤلفات كثيرة، إلا أن تفسيره شاهد على نبوغه، و سعة إطلاعه. ثم جاء المبحث الثاني ليعرف بالمحرر الوجيز، و اشتمل على مطلبين، قدم المطلب الأول نبذة موجزة عن تفسير "المحرر الوجيز" و بيان قيمته العلمية، توصلت من خلال هذا المطلب أن ابن عطية لم يطلق هذا الاسم على تفسيره، غير أنه أراد من تفسيره أن يكون محررا وجيزا، و هذا ما دفع ملا كاتب حلب إلى تسميته بالمحرر الوجيز، و قد ألفه في ريعان شبابه، و كان الباعث الذي حمله على ذلك، التقرب إلى الله عز وجل بعمل يكون له حجابا من النار، و اعتمد في تأليفه على مصادر كثيرة و متنوعة، و قد طبع تفسيره عدة طبعات. و بين المطلب الثاني منهج ابن عطية في تفسيره: فقد جمع في تفسيره بين المأثور و الرأي، و اهتم باللغة، و بالمسائل الخلفية في الدرس النحوي، و اهتم أيضا بالقراءات و ضبطها، و كان يحتاط في الاخذ بالإسرائليات، إضافة إلى إنكاره للتفسير الرمزي، و هذا ما بينته الفروع الخمسة على الترتيب. و في الجانب التطبيقي و هو صلب موضوع البحث، تطرقت فيه إلى دراسة القواعد التي جمعتها بعد استقراء تفسير" المحرر الوجيز"، و صنفتها بحسب العلم الذي تنتمي إليه، و ذكرت عددا من تطبيقات ابن عطية لها و اخترت من أجل ذلك عددا من الآيات القرآنية، نقلت فيها نص ابن عطية في تفسيره للآية بما يوافق مضمون القاعدة، و استدعى ذلك تقسيمه إلى ثلاثة فصول، تناول الفصل الأول القواعد المتعلقة بأصول الدين، و اشتمل على مبحثين، عالج المبحث الأول القواعد المتعلقة بالنص القرآني، و تم فيها ذكر القواعد المتعلقة بالقراءات، و أخرى بالنسخ، و قواعد أخرى متعلقة بالمناسبات و الترادف، و تطرق المبحث الثاني إلى القواعد المتعلقة بالسنة النبوية و الآثار و العقيدة الإسلامية، في ثلاثة مطالب على الترتيب. و اعتنى الفصل الثاني بذكر القواعد المتعلقة بالسياق و القواعد الفقهية و الاصولية في مبحثين، و ذكرت في الفصل الثالث من الجانب التطبيقي القواعد اللغوية و الإعرابية، التي اعتمد عليها ابن عطية في تفسيره. و ذيل البحث بخاتمة و توصيات، أعلنت في عموم الاولى مكانة علم أصول التفسير، و بينت مدى اعتماد ابن عطية على قواعد في تفسيره، ليرجح بين الاقوال التفسيرية، و يرد بعضها، و جاءت هذه القواعد متنوعة، منبثقة من علوم شتى، تزيد عن أربع و ستين قاعدة. و من أهم توصيات البحث، استخراج قواعد التفسير من مصادرها المتعددة و إحصائها، و جمعها و إعادة صياغتها، و كذا توجيه الكفاءات العلمية من الاساتذة و الباحثين جهدهم، إلى التأليف فيما يخدم علم أصول التفسير، لتكميل بنائه، حتى يستقل كعلم ضابط لفهم القرآن الكريم. This research is the study on the sources concluded from the Quranic Exegesis “El-Muharrar El-Wajiz” by the Imam Ibn Atiya Al-Andaloussi. It aims to remove the rules adopted by the Imam Ibn Atiya in his exegesis in disproof to some of exegesis sayings, and in proof of others, and as a demonstration that the processes of Quranic Exegesis must be based on regulative rules and sources supporting to know the meaning of the words of Allah. This research is entitled “Oussoul Tafseer (Sources of Quranic Exegesis) with the Imam Ibn Atiya Al-Andaloussi through his exegesis “El- Muharrar El-Wajiz fi Tafsir El-Kitab El-Aziz”. It includes two parts: theoretical and practical. The first chapter entitled “Definition of the Sources of Quranic Exegesis” aims to reveal the features of the Quaranic Exegesis sources science. It is divided into two sections; the first one is entitled “Introduction to the Quranic Exegesis Sources Science”. The first subsection is about the divergence between the different scientists in naming this science, determining its precise definition, and that it is still in the process of growing up and needs more research efforts to develop it. Its different definitions were mentioned. I concluded to highlight the more definitions establishing its scientific independence, explaining that the process of Quranic Exegesis should be based on the principles and rules that help achieving the intention of Allah the Almighty as much human energy. The second subsection deals with the complementary relationship between it and the other sciences, as the sources of jurisprudence and exegesis, and Quranic sciences. To give a clear perspective about the concept of this science, the second section addresses “the Emergence of the Quranic Exegesis Sources and its Issues”. The first subsection deals with the emergence of Quranic Exegesis science through its historical stages from the time of the Prophet, peace be upon him, good companions and successors, to the implicit references to the issues of this science in the folds of books, then the beginning of the maturation of this science, the stage of independent record of the Quranic Exegesis Sources Science. Because the Quranic Exegesis Sources Science was still in the process of growing up, it was extremely difficult to identify its themes and issues as there was no accurate identification of its issues, but it was dependent on the discretion of researchers. This is the concern of the second subsection where it is demonstrated that the issues and themes of this science had dispersed and scattered in different sources including: the Holly Quran, the introductions to Quranic Exegesis, the books of jurisprudence sources, the books of Quranic sciences… The second chapter, entitled "Introducing Ibn-Attyia and his Book", aims to shed light on the life of Ibn- Atiya, detect the content of his exegesis, reveal its importance and impact on the next exegesis. The first section provides the biography of the Imam Ibn- Atiya through two subsections. The first one deals with the personal life of the judge Ibn- Atiya in five branches showing that he lived in the shadow of El-Murabitin State where he had a prominent role; he was judge and was frequently in masked armies invasions; he grew – May Allah have mercy on him – in a science and favor house; his ancestors were famous scientists in their time in various fields of science and knowledge; this scientific family atmosphere had significant impact in the formation of his scientific personality, but he was one of the notable Maaliki, and took the Ash'ari as his ideological doctrine. This is shown in the first branch of this subsection by his words in scattered his exegesis. The last branch of this this subsection is about his death probably in (541 of hegira). The second subsection deals with the scientific life of the judge Ibn- Atiya. It is divided into several branches, beginning from shedding light on the scientific movement in the Murabitin era, where it knew prosperity and popularity, which produced peerless scientists; Ibn-Atiya benefited from the knowledge of the latter, which contributed to attract students to his courses; Ibn-Atiya was not limited in taking knowledge from his teachers, but he moved to the major cities of Andalusia seeking knowledge until he became eminent scientist in many arts; he earned praise from scientists; and although he did not leave many books, but his exegesis is a witness to his genius, and erudition. The second section is about “El-Muharrar El-Wajiz”; it includes two subsections. The first subsection gives a brief overview on of the exegesis “El-Muharrar El-Wajiz” and reveals its scientific value. I concludes, through this subsection, that In-Atiya did not give this title to his exegesis, but he wanted it to be a brief record, which motivates Mullah Aleppo to entitled it “El-Muharrar El-Wajiz”. He wrote it in the prime of his youth in order to be closer to Allah the Almighty by a work saves him from the hell. He relied on many varied sources to write it, and it was printed many times. The second subsection shows the method of Ibn-Atiya in his exegesis; he combined dictum and opinion, interested in language and contentious issues in grammar, interested also in the readings and their verification, and he was careful in in taking Isra'iliyat (the body of narratives originating from Judeo-Christian traditions), in addition to disapprove symbolic exegesis, which is demonstrated in the five branches respectively. In the practical part, crux of the research, I deals with the study of the rules that I have collected after investigating the Quranic exegesis “El Muharrar El-Wajiz”. I have classified them according to the science they belong to, and I have mentioned some of the applications of Ibn-Atiya. For this, I have selected some Quranic verses, where I have quoted the text of Ibn- Atiya in his exegesis of the verse according to the content of the rule. It is divided into three chapters. The first chapter discusses the rules concerning the sources of the Islamic religion. It includes two sections; the first one deals with the rules relating to the Quranic text, where the rules relating to the readings are mentioned, to abolishing, and other rules related to events and synonymy. The second section is about the rules relating to the Sunnah, traditions and Islamic creed, in the three subsections respectively. The second chapter discusses the rules relating to the context and the rules of jurisprudence and sources in two sections. The third chapter of the practical part is about the linguistic and statistical rules adopted by Ibn-Atiya in his exegesis. At the end of the research, there are a conclusion and recommendations. The conclusion announces the status of the Exegesis Sources Science, and determine the rules adopted by Ibn-Atiya in his exegesis to disprove some exegesis sayings and prove others. These rules are varied and emerging from many sciences more than sixty-four rules. The most important recommendations of this research are the extraction the of the exegesis rules from their different sources, counting, collecting and reformulating them, as well as the orientation of scientific competencies of teachers and researchers to write in service of exegesis sources to complete its construction to be a regulative science for the comprehension of the Holly Quran.