Veuillez utiliser cette adresse pour citer ce document : http://dspace.univ-batna.dz/xmlui/handle/123456789/3197
Titre: التكامل الوظيفي بين السياستين النقدية و المالية
Autre(s) titre(s): دراسة مقارنة بين الإقتصاد الإسلامي و الإقتصاد الوضعي
Auteur(s): بن دعاس, جمال
Mots-clés: الإقتصاد الإسلامي
الإقتصاد الوضعي
السياسة النقدية
السياسة المالية
Date de publication: 2010
Editeur: UB1
Résumé: يعد النظام الرأسمالي الاقتصاد الوضعي السائد في الواقع، إلا أنه يعرف تقلبات عنيفة صاحبته منذ نشأته إلى اليوم، مما جعله يتنازل عن أهم مبادئه الأساسية المتمثلة خاصة في سيادة الملكية الفردية و الحرية الاقتصادية المطلقة و التعامل بالربا بعيدا عن أية ضوابط أخلاقية تساهم في توازن المجتمع، و في المقابل بدأت تظهر بوادر عودة الاقتصاد الإسلامي بصفته النظام الاقتصادي الذي يستجيب إلى المتطلبات المادية و الروحية في آن واحد، و لم يعد علماء المسلمين وحدهم المنادين بضرورة سيادة هذا النظام بل نجد الكثير من منصفي علماء الغرب يعترفون بأولوية النظام الإسلامي و قدرته على قيادة العالم في القرن الواحد و العشرين لما يتصف به من خصائص. فالنظام الاقتصادي الإسلامي يتصف بجملة من الخصائص العامة و المصرفية التي تنعكس آثارها الإيجابية على النشاط الاقتصادي للدولة، مما يساهم في تحقيق أهداف السياسة الاقتصادية للدولة بصفة تلقائية، و تتمثل خاصة في مراعاته للجانبين المادي و الروحي مما يضفي عليه الصبغة الأخلاقية، كما يقوم على مبدأ الوسطية الذي ينعكس على مختلف جوانب الحياة الاقتصادية، فيراعي المصلحة الفردية إلى جانب المصلحة العامة، و يسمح بالملكية الفردية كما يسمح بالملكية الجماعية، كما يدافع عن الحرية الاقتصادية في إطار الضوابط الشرعية تجاوبا مع الطبيعة البشرية في حب التملك و الكسب، فلا يتم إنتاج إلا الطيبات مع مراعاة الأولويات، و لا يتم الإنفاق إلا بحسب الحاجة دون إسراف و لا تقتير. و يقوم النشاط الاقتصادي على أساس المشاركة بديلا عن النظام المصرفي الربوي مما يسهم في إشاعة الطمأنينة و العدل بين مختلف أطراف التعامل، و على اعتبار الإصدار النقدي حقا سياديا للدولة و لكنها لا تقوم به إلا في حدود ما يتطلبه النشاط الاقتصادي الحقيقي لمنع حدوث الانكماش أو التضخم، أما المصارف التجارية فتمنع من إصدار النقود الخطية و لا تتعامل إلا في حدود النقود الحقيقية المودعة لديها أو التي تملكها، لأنها مؤسسات خاصة تسعى إلى تحقيق الربح و حق الإصدار النقدي خاص بالدولة دون غيرها، كما يتميز الاقتصاد الإسلامي بوجود أداة أساسية هي الز كاة، حيث تعد نظاما اقتصاديا متكاملا يستطيع تحقيق الأهداف الاقتصادية و الاجتماعية للدولة الإسلامية بصفة آلية، إضافة إلى إمكانية استخدامها كسياسة مالية أو نقدية بحسب حالة النشاط الاقتصادي و الظروف الاجتماعية. و تنعكس آثار الخصائص العامة و المصرفية السلبية التي يقوم عليها الاقتصاد الوضعي على النشاط الاقتصادي، مما يساهم في حدوث التقلبات الاقتصادية و الفشل في تحقيق أهداف السياسة الاقتصادية، و تتمثل خاصة في فصل الدين عن الحياة العامة فلا يعتني إلا بالجانب المادي، كما يقوم على أساس الملكية الخاصة للموارد الاقتصادية مع مراعاة المصلحة الفردية على حساب المصلحة العامة، و يعد الربح هدفه الأساسي من كل التعاملات، مما يؤدي إلى التفاوت الكبير في توزيع الدخول و الثروات بين طبقات المجتمع، و إلى هيمنة الشركات الاحتكارية التي تعتمد في تسويق منتجاتها على الدعاية الكاذبة مما يؤدي إلى إهدار الموارد الاقتصادية بدل استخدامها في إنتاج السلع الضرورية. أما النظام المصرفي الوضعي فيقوم على أساس الفائدة التي تعد من قبيل أكل أموال الناس بالباطل، و تؤدي إلى ظهور طبقة مترفة دون جهد من خلال استغلال حاجة المستهلكين و المستثمرين للأموال، كما تؤدي إلى تشويه هيكل الاستثمار و تثبيطه من خلال توجيه الموارد إلى القطاعات غير المفيدة للمجتمع، و يقوم البنك المركزي بإصدار النقود القانونية بناء على طلب الحكومة لتمويل عجز الميزانية بغض النظر عن الحجم الحقيقي للنشاط الاقتصادي، كما تتمادى البنوك التجارية في إصدار النقود الخطية و إغراق الأسواق بالنقود، مما يؤدي إلى حدوث الضغوط التضخمية و ما ينجر عنها من آثار سيئة على النشاط الاقتصادي و على الظروف الاجتماعية لمحدودي الدخل، و تعد الأسواق المالية وكرا لممارسة المقامرات من خلال القيام بالبيوع الوهمية، و تساهم كل هذه العوامل في إحداث التقلبات الاقتصادية الخطيرة التي تكاد تقضي على وجود النظام الرأسمالي. أما تاريخيا فقد مر الفكر الاقتصادي الوضعي بمراحل مختلفة نتيجة لما تعرض له من أزمات اقتصادية، حيث قام الفكر الكلاسيكي على مبدأ الحرية الاقتصادية المطلقة و اقتصار دور الدولة على حماية التعاملات الاقتصادية من خلال توفير الأمن الداخلي و الخارجي و العدالة، إلى أن حدثت أزمة الكساد العظيم مما أدى إلى ظهور الفكر الكيتري الذي أدى إلى تخلي النظام الرأسمالي عن أهم مبادئه حيث نادى بضرورة تدخل الدولة لتنظيم النشاط الاقتصادي، إلا أن الأزمات بقيت ملازمة للنظام الرأسمالي خاصة مع بروز ظاهرة التضخم الركودي مما أدى إلى ظهور الأفكار الكلاسيكية بثوب جديد، ليبدأ جدل واسع بين المدرستين حول أولوية أفكار كل منهما في إيجاد الحلول المناسبة للأزمات التي أصبحت ملازمة للنظام الرأسمالي، أما الفكر الاقتصادي الإسلامي فيعتمد على نوعين من القواعد و الأصول، نوع ثابت لا يتغير بتغير الزمان و المكان، و هو مستمد من النصوص الشرعية فلا يجوز تعديله إذ لا اجتهاد مع نص، و هو يشكل الإطار الرئيسي للنشاط الاقتصادي مما يجعله أكثر شمولا و أدوم صلاحية، و نوع متغير يختلف باختلاف الزمان و المكان، و هو مستمد من اجتهاد أهل العلم المتخصصين بحسب الظروف الاقتصادية و الاجتماعية السائدة، و قد اتسم دور الدولة الإسلامية بالتدخل سواء في المجال النقدي أو المالي منذ نشأتها، إلا أن طبيعة هذا التدخل و مداه كان يتوقف على الظروف السائدة بما يحقق الأهداف المرجوة. تستمد السياسة النقدية صبغتها من النظام الاقتصادي المتبع، فتقوم في الاقتصاد الوضعي على سعر الفائدة، سواء ما تعلق منها بالأدوات الكمية التي تسعى للتحكم في حجم المعروض النقدي بصفة عامة، و هي سعر إعادة الخصم و سياسة السوق المفتوحة و نسبة الاحتياطي القانوني، أو الكيفية التي تسعى للتمييز بين مختلف القطاعات في منح الائتمان حسب حاجتها للتمويل و أهميتها في النشاط الاقتصادي، و حتى الأدوات المباشرة تعتمد في عمومها على الحوافز أو العقوبات القائمة على سعر الفائدة، و تختلف أدوات السياسة النقدية في الاقتصاد الإسلامي في معظمها عن تلك المستخدمة في الاقتصاد الوضعي، لتحريم الفوائد الربوية و منع المصارف التجارية من التوسع في منح الائتمان، و بالتالي رفض سياسة سعر إعادة الخصم و نسبة الاحتياطي القانوني و الأدوات الكيفية المتعلقة بهما، أما سياسة السوق المفتوحة فيمكن استخدامها من خلال بيع و شراء المصرف المركزي لأسهم الشركات و السندات التي تصدرها الدولة بهدف إشراك الجمهور في مختلف المشاريع، بينما تقوم الأدوات المباشرة على الحوافز و العقوبات المتمثلة في التسهيلات و الغرامات بدل الفوائد الربوية، أما الإقناع فإنه يقوم على الجانب الإيماني المفقود في الاقتصاد الوضعي. تمثل السياسة الضريبية الأداة الأساسية من بين أدوات السياسة المالية في الاقتصاد الوضعي نظرا لوفرة حصيلتها و إمكانية فرضها بصور مختلفة بما يساهم في تحقيق أهداف السياسة الاقتصادية، ثم سياسة التمويل بالعجز الذي أصبح ملازما للاقتصاديات الوضعية حيث يتم تغطيته سواء عن طريق القروض العامة أو الإصدار النقدي الجديد، إضافة إلى سياسات الإنفاق العام من خلال تغيير حجم الإنفاق على المتغيرات الاقتصادية بما يحقق أهداف السياسة الاقتصادية، أما السياسة المالية في الاقتصاد الإسلامي فتعتمد على الزكاة التي تعمل بصفة تلقائية على تحقيق أهداف السياسة الاقتصادية، كما يمكن استخدامها كسياسة مالية أو نقدية للتحكم في حجم المعروض النقدي وإنفاق جزء من حصيلتها في تمويل النشاطات الاقتصادية ذات الأولوية مع مراعاة مصارفها الشرعية، إضافة إلى سياسة الإنفاق العام من خلال التدخل في تحديد حجم النفقات الاستهلاكية و الاستثمارية بحسب متطلبات النشاط الاقتصادي، أما السياسة الضريبية و سياسة القروض العامة فيقل استخدامهما باعتبار أما مصدران استثنائيان، و تعد سياسة التمويل بالتضخم مرفوضة في الاقتصاد الإسلامي نظرا لما تحدثه من آثار سلبية على النشاط الاقتصادي. و نظرا لتعارض الأهداف المختلفة التي تسعى السياسات الاقتصادية لتحقيقها، و تعرض النظام الرأسمالي لأزمات اقتصادية متلاحقة فلا يكاد ينتهي من واحدة حتى يقع في غيرها و أصبح مهددا بالزوال بصفة نهائية، و نظرا لفشل كل من السياستين النقدية و المالية في إيجاد الحلول المناسبة لهذه الأزمات، نادى عدد من الاقتصاديين بضرورة التنسيق بين أدوات السياستين من خلال عدم اتخاذ كل سياسة لإجراءات يترتب عنها آثار غير مباشرة و غير مرجوة على السياسة الأخرى، إلا أن هذه التنسيق لا يبدو كافيا إلى اليوم بدليل استمرار حدوث الأزما ت الاقتصادية و بحدة شديدة، مما يتطلب الانتقال إلى مرحلة التكامل الوظيفي بين السياستين و ذلك من خلال التفاوض بين السلطتين النقدية و المالية للاتفاق حول تشخيص واضح لحالة النشاط الاقتصادي، و الأدوات المشتركة التي يمكن استخدامها للوصول إلى الأهداف المراد تحقيقها، و قد حاولت هذه الدراسة البحث عن الآليات المشتركة بين السياستين النقدية و المالية لتحقيق الأهداف المختلفة للسياسة الاقتصادية في كل من الاقتصاد الوضعي و الاقتصاد الإسلامي. يتطلب الوصول إلى الاستقرار الاقتصادي تحقيق هدفين متعارضين هما التشغيل التام للموارد الاقتصادية و استقرار المستوى العام للأسعار، و نظرا لهذا التعارض أصبح الاقتصاد الرأسمالي لا يعارض قبول نسبة معينة لأن تحقيق التشغيل التام يؤدي إلى حدوث نسبة غير مقبولة من التضخم، كما يؤدي تحقيق استقرار المستوى العام للأسعار إلى حدوث نسبة عالية و غير مقبولة من البطالة، و تحدث التقلبات الاقتصادية في الاقتصاد لأسباب نفسية حيث تؤثر توقعات المستثمرين على القرارات المستقبلية في ظل عدم التأكد، فتفاؤلهم يؤدي إلى توسيع حجم النشاط الاقتصادي إلى أن يصل إلى مرحلة الكساد، و العكس، و تعود الأسباب النفسية إلى عدم ثبات القرارات الاقتصادية و تغيرات أسعار الفائدة. كما تحدث هذه التقلبات نتيجة الأسباب النقدية حيث يؤدي تغير كمية النقود إلى تغير مستوى النشاط الاقتصادي، و يحدث ذلك أساسا بسبب تمادي البنك المركزي في إصدار النقود القانونية لتمويل عجز الميزانية، و تمادي البنوك التجارية في إصدار النقود الخطية لتمويل المستثمرين الباحثين عن المزيد من الأرباح التي تتضاعف في أوقات التضخم بغض النظر عن حالة النشاط الاقتصادي، و لا يقدر أو ربما لا يرغب الساسة في القضاء على هذه الظاهرة لأنهم هم من يملك هاته المؤسسات التي تحقق الأرباح الطائلة على حساب الطبقات الأخرى في المجتمع. يعد الاستقرار الاقتصادي من الأهداف الأساسية للاقتصاد الإسلامي و يتبين ذلك من خلال رفضه المطلق لظاهرتي البطالة و التضخم، فالإسلام يحث على العمل و استغلال كل ما سخره الله سبحانه و تعالى للإنسان في هذا الكون و رغب في الكسب الحلال و جعله من الأعمال الصالحات التي يثاب عليها المؤمن، كما يرفض الإسلام التضخم لما يترتب عليه من آثار سيئة على هدفي عدالة توزيع الدخول و التنمية الاقتصادية، و لذلك يرفض الأسباب المؤدية إلى التضخم و منها منع التمويل بالعجز إلا في الحالات الاستثنائية و منع إصدار النقود القانونية إلا في حدود حاجة النشاط الاقتصادي، أما النقود الخطية فيمنع إصدارها مطلقا لأن المستفيد منها هو القطاع الخاص بينما تنعكس آثارها السلبية على المجتمع ككل، و لذلك يستبعد حدوث التقلبات الاقتصادية للأسباب النقدية، كما أن عدم التعامل بالفوائد الربوية و المقامرات التي تحدث في الأسواق المالية و التعامل فقط في النشاط الحقيقي و الدراسة المتأنية للمشاريع المراد إنجازها مما يوفر درجة عالية من التأكد و لذلك يستبعد أيضا حدوث التقلبات الاقتصادية للأسباب النفسية مما يعني أن الاستقرار يتحقق بصورة تلقائية دون الحاجة لاستخدام السياستين النقدية و المالية إلا نادرا. يختلف مفهوم التنمية الاقتصادية و متطلباتها باختلاف النظام الاقتصادي المتبع و درجة النمو الاقتصادي المحقق، ففي الدول المتخلفة يتمثل في سعيها إلى تحسين معيشة أفرادها من خلال زيادة الدخل الحقيقي في ظل توزيع عادل للثروة و ذلك يتطلب تحقيق التراكم الرأسمالي و رفع كفاءة الموارد البشرية ، أما في الدول المتقدمة فتوفير المناخ المناسب لتحقيق الزيادة التلقائية للدخل، و يتطلب سعي هذه الدول للتغلب على التقلبات الاقتصادية التي تحدث من حين لآخر، أما في النظام الإسلامي فترقية الحياة الإنسانية نحو الأفضل في إطار التوازن بين إعمار الأرض في الدنيا و السعي لتحقيق الفوز في الآخرة، يتطلب التخصيص الأمثل للموارد المادية و البشرية و المعنوية مما يساهم في تحقيق التنمية الشاملة في إطار العقائد و المبادئ و الأخلاق الإسلامية. و يتم تخصيص الموارد في الاقتصاد الرأسمالي من خلال آلية السوق التي تكون عاجزة في الغالب عن تحقيق التخصيص الأمثل للموارد، حيث تتجه الموارد الاقتصادية إلى القطاعات الأكثر ربحية و لو كانت ليست ذات أهمية بالنسبة للنشاط الاقتصادي بصفة عامة، كما يصعب انتقال هذه الموارد من قطاع إلى آخر لصعوبة تغيير راس المال الثابت و اليد العاملة المدربة بمجرد الرغبة في تغيير قطاع النشاط الممارس، مما يتطلب تدخل الدولة من خلال استخدام السياستين النقدية و المالية لتخصيص هذه الموارد بما يحقق هدف التنمية الاقتصادية. يقوم التوزيع في كل من الاقتصاد الإسلامي و الاقتصاد الوضعي على أساس الملكية و الأجر، و لكن يختلفان في تفاصيل كل منهما نظرا لاختلاف الخصائص العامة و المصرفية لهما، فالاقتصاد الوضعي يقوم على أساس الملكية الفردية و يهدف إلى تحقيق الربح مما يعني قبول النظام الرأسمالي لعدد من التعاملات التي تساهم في سوء توزيع الدخول مثل الاحتكار و الاكتناز و الربا، كما أن الضمان الاجتماعي لا يتحقق إلا من خلال تدخل الدولة خلافا للمبادئ الرئيسية لهذا النظام مما يؤدي إلى صعوبة تحقيق هذا الهدف و عدم أدائه بالكفاءة المطلوبة، و هذا بخلاف الاقتصاد الرأسمالي الذي يقر بوجود الملكية العامة إلى جانب الملكية الخاصة و إعطاء الأولوية إلى المصالح العامة على حساب المصالح الخاصة، كما أن الهدف يتمثل أولا في الجزاء الأخروي ثم الجزاء الدنيوي، و تساهم هذه الخصائص مجتمعة في تحقيق هدف التوزيع و إعادة التوزيع خاصة مع تكفل أهم نظام اقتصادي في الإسلام بهذا الهدف ألا و هي الزكاة، التي تؤدي إلى تحقيقه بصفة تلقائية، و إذا حدث أي خلل توزيع أمكن استخدامها مع الأدوات الكيفية و المباشرة للسياسة النقدية لهذا الغرض، أما الاقتصاد الوضعي و في ظل افتقاره لأداة تعمل بصفة آلية لتحقيق هذا الهدف على غرار نظام الزكاة فإنه مطالب بإعمال أدوات السياستين النقدية و المالية للوصول إلى ذلك. و من خلال الدراسة المتأنية لمدى فعالية السياستين النقدية و المالية كل على حدة، أو فعاليتهما متكاملتين تبين ضعف السياستين في تحقيق الأهداف المختلفة للسياسة الاقتصادية للاقتصاد الوضعي، و في المقابل تبين أن أدوات السياستين النقدية و المالية و خاصة في ظل تكاملهما يكون ذا فعالية كبيرة في تحقيق أهداف السياسة الاقتصادية للاقتصاد الإسلامي و يعود ذل ك أساسا إلى الخصائص التي يقوم عليها كل نظام، فالاقتصاد الإسلامي يعتمد بصفة خاصة على الزكاة التي تعد نظاما اقتصاديا متكاملا يساهم بتلقائية و فعالية كبيرة في تحقيق مختلف أهداف السياسة الاقتصادية، و يساعدها في ذلك الخصائص العامة للاقتصاد الإسلامي المتمثلة خاصة في الجوانب العقدية و الأخلاقية و الملكية المزدوجة و الحرية الاقتصادية المنضبطة و الخصائص المصرفية المتمثلة خاصة في تحريم الربا و غيره من المعاملات التي تؤدي إلى أكل أموال الناس بالباطل، إضافة إلى منع الإصدار النقدي من طرف الدولة إلا بقدر نمو الاقتصاد الحقيقي و المنع البات لإصدار النقود المصرفية، و تؤدي هذه العوامل مجتمعة إلى منع حدوث التقلبات الاقتصادية و تخصيص الموارد بما يحقق التنمية الاقتصادية في ظل توزيع عادل للدخول و الثروات، بخلاف الاقتصاد الوضعي الذي تساهم خصائصه العامة خاصة الحرية الاقتصادية المطلقة و الملكية الفردية، و الخصائص المصرفية خاصة التعامل بالفوائد الربوية و حرية الإصدار النقدي سواء من طرف البنك المركزي لتمويل عجز الميزانية أو المصارف التجارية لتمويل النشاط الاقتصادي مما يؤدي إلى إحداث التقلبات الاقتصادية المتكررة و تشويه هيكل الاستثمار و سوء التوزيع و صعوبة إعادة التوزيع، مما يسهل من مهمة التكامل الوظيفي بين السياستين النقدية و المالية في تحقيق أهداف السياسة الاقتصادية و معالجة أية اختلالات يمكن وقوعها في الاقتصاد الإسلامي، و يزيد من صعوبة و من ثم فشل مهمة التكامل الوظيفي بين السياستين النقدية و المالية لتحقيق أهداف السياسة الاقتصادية عموما و معالجة الأزمات الاقتصادية التي أصبحت ملازمة للاقتصاد الرأسمالي خصوصا.
URI/URL: http://dspace.univ-batna.dz/xmlui/handle/123456789/3197
Collection(s) :Sciences islamiques

Fichier(s) constituant ce document :
Fichier Description TailleFormat 
hsi بن دعاس جمال.PDFfichier PDF6,06 MBAdobe PDFVoir/Ouvrir


Tous les documents dans DSpace sont protégés par copyright, avec tous droits réservés.