Veuillez utiliser cette adresse pour citer ce document : http://dspace.univ-batna.dz/xmlui/handle/123456789/1033
Titre: أثر اللسانيات الغربية على اللسانيات العربية الحديثة
Autre(s) titre(s): التفسيرية عينة
Auteur(s): قبايلي, عبد الغاني
Mots-clés: الأثر
التأثر
التأثير
اللسانيات
اللسانيات الغربية
اللسان
العلمية
الدرس اللغوي الغربي الحديث
اللسانيات العربية
اللسانيات العربية التراثية
اللسانيات العربية الحديثة
القراءة
الكتابة
الكتابة اللغوية العلمية
الكتابة اللسانية العربية الحديثة
المدارس اللسانية البنيوية الأوروبية
البنيوية التركيبية الوظيفية
المدارس اللسانية البنيوية الأمريكية
النظرية التوليدية التحويلية
الدلالة
الدلالة التفسيرية التصنيفية
مازن الوعر
تأثر مازن الوعر باللسانيات الغربية
Date de publication: 5-nov-2017
Editeur: UB1
Résumé: تعالج هذه الدراسة الاتجاه التفسيري في اللسانيات العربية الحديثة والمعاصرة التي تأثرت بالدرس اللساني الغربي ممثلا في الأعمال المتميزة التي قدمها الباحثون العرب وعلى رأسهم اللساني السوري "مازن الوعر" في إطار دمج النموذج النحوي العربي القديم مع المنهج التوليدي التحويلي بمختلف مراحله التطورية التي أدت أخيرا إلى صياغة نظرية دلالية صورية في صلب النظرية اللسانية بصيغتي التصنيف والتأويل، وهو من أبرز اللغويين العرب الذين تبنوا هذه النماذج وحاولوا التوفيق بينها ضمن ما تسمح به التوصيات الإبستمولوجية التكوينية. انطلقت هذه الدراسة –بعمق- من إشكالية محورية مضمونها: هل تأثر اللسانيون العرب وفي مقدمتهم مازن الوعر بمقولات اللسانيات التوليدية والدلالية المتطورة عنها على مستوى الخطاب العلمي اللساني التفسيري؟ أم أن ما يظهر على أنه تأثير فعلي بذلك إنما هو مجرد نقل للمصطلح والأدوات التحليلية الغربية الذي لم يجد ما يحتويه في الخطاب الميتالساني العربي الحديث والمعاصر، ونظرًا لأهمية هذا المقايسات المقترنة بالأوضاع التنظيرية يأتي هذا البحث التحليلي بعنوان: أثر اللسانيات الغربية في اللسانيات العربية الحديثة؛ دراسة تحليلية إبستمولوجية. إن الهدف الرئيس من هذه الدراسة يكمن في الكشف عن مدى تمثل الدارسين العرب للسانيات الغربية في أحدث تطوراتها بشكل عام، واللسانيات التوليدية التحويلية بالخصوص مع تركيز دقيق على أعمال "معوض مازن الوعر" وقد تدرجت هذه الدراسة وفق منهج متسلسل، اقتضى خطة تشكلت من مقدمة ومدخل وأربعة فصول وخاتمة. أما المقدمة فقد تحدثت فيها عن أهمية الموضوع والدوافع الأساسية لاختياره والمنهج الذي اتبعته فيه وأهم النتائج التي يروم تحقيقها، في حين أني ضمنت المدخل عرضا دقيقا تحدثت فيه عن الفروقات الدقيقة بين المفاهيم التأسيسية التي تمهد إلى ضبط البحث بصرامة منهجية، مثل: "الكلام/ اللسان/ علوم اللسان/ اللسانيات العربية/الغربية" عند علماء العرب المحققين والغربيين النظار، ثم انتهيت إلى فحص مدى تأثر الدرس اللغوي الغربي بالنظرية اللغوية العربية التراثية، وبخاصة عشية القرن التاسع عشر مع (سلفيستر دو ساسي) وطلبته الذين أصبحوا علماء بعده، وانتهيت بطرح الوضعية العربية الراهنة بين التسابق نحو الريادة وتشتت الأعمال وقد مثلت لذلك بعبد الرحمن الحاج صالح وتمام حسان وعبد القادر الفاسي الفهري. في الفصل الأول تحدثت عن فكر الإواليات في الخطاب اللساني العربي بدءا من أعمال الموفودين العرب والمستشرقين أمثال: "جرجي زيدان والطهطاوي والكرملي"، وتوقفت مطولا في الجيل الثاني من رواد الخطاب اللساني التمهيدي مع إبراهيم أنيس ومحمد عبد الواحد وافي ومحمود السعران وأنيس فريحة ..وغيرهم، ممن شكل واقع الخطاب اللساني العلمي التأسيسي، ثم حاولت تفسير مجموعة من الإشكالات العميقة الأشد تأثيرا في توجيه اللسانيات العربية من بينها قضية حضور التراث وإشكالية التمذهب، وأبعاد اللسانيات العربية والغربية، ثم حاولت قياس القيمة العلمية والمعرفية للتراث اللغوي بعد توضيح الآليات القرائية اللازمة، وانتهيت في الأخير إلى حصر الأشباه والنظائر بين اللسانيين العرب بدءا من إبراهيم أنيس إلى الفترات المتأخرة أين تم تصنيفهم مرحليا إلى صنفين، وهما: الاتجاه السلفي الرجعي والاتجاه الخلفي الحداثي بناء على اختلاف القراءة، ومن الناحية الثانية إعادة التصنيف وفقا للأسس الإبستمولوجية التي جعلتهم في ثلاثة اتجاهات وهم: الاتجاه التأصيلي والتفسيري وبينهما الوصفي التقريري. أما الفصل الثاني فقد خصصته لتقصي كذلك عن فكر الإواليات في اللسانيات الغربية مع سوسير وطلبته إلى صنفين وهما: المدارس البنوية الأوروبية المهيمنة والمدارس اللسانية البنوية الأمريكية المحورية؛ وقد قسمتها إلى صنفين: المدارس الأصولية التي مثلها سوسير والمدارس الفرعية التي تأثرت به، وبدأت البنوية الأمريكية من ويليام وايتني وإدوارد سابير ثم توقفت عند بلومفيلد وهاريس وهوكيت، الذين تم على أيديهم إعادة إنتاج الفكر اللغوي الأمريكي بصرامة أكثر وبعمق أعظم، وأخذت بها كمقدمات أصولية ونظرية نقدية لتشكل أعظم مدرسة لسانية في التاريخ، وهي المدرسة التوليدية التحويلية لتشومسكي بمختلف مراحله من 1957 إلى النماذج المتأخرة لسنة 2005 م، تحت ما يسمى البرامج المستحدثة عن القالب الأدنوي. أما الفصل الثالث فقد خصصته للنظريات الدلالية الحديثة المتفرعة إلى الفونولوجيا والمعجمية التوليدية التحويلية في إطار النماذج الإمبريقية المتتالية للنقود التي سجلت على طرح 1957 م، بدءا من أعمال كاتز وفودور سنة 1963 م وكاتز وبوسطال سنة 1964 م، ثم تشومسكي وكاتز سنة 1965 في إطار النظرية النوذجية الموسعة، ثم تشومسكي ما بين 1972 و 1979 ، ثم والتركوك وجاكندوف وغروبر ومكاولي وتشيف وغيرهم بدءا من سنة 1978 م. أما الفصل الرابع وهو أوسع الفصول وأهمها جميعا حيث خصصته لرصد وتتبع مواطن التأثر اللساني العربي بالنموذج الغربي المعاصر، حيث فرض علي المنهج تتبع المجالات المشروعة لإعادة بناء نظرية لسانية عربية حديثة عند مازن الوعر بين النظريات المنافسة التي عرضت، وكان الفحص مشتملا تحليل ست مقدمات نقدية والتي اقترحها كل من حسن عون وجواد باقر ويوسف عوض وآتش وشابير ثم عبد القادر الفاسي الفهري، ثم قاعدة الوعر التي ترى أن التركيب النووي في اللغة العربية إنما هو : ك ج إذا وفقط إذا كان ج= ± أد ])م إ+ م(± ف[ وعرضها على النموذج الخليلي الحديث جن = ])ع ←م 1(± م 2[ ± خ، وبعد ذلك تمّت معالجة المواد والمفاهيم التي تسهم في هندسة نظرية حديثة، وبعد ذلك توسعت في التفسير الرياضي للمكونات التركيبية الداخلية للعلاقات الشكلية والدلالية ثم امتد التحليل إلى إعادة فهم )x-bar( للتقديم والتأخير وقاعدة )ἁ) الصورية من خلال قاعدة النقل )انقل-) 1.1 المباني المجهولة والمعلومة وفق تحليل عجري يظهر مكونات البنية العميقة. أما الخاتمة فقد رصدت فيها مجموعة من النتائج ورتبتها بحسب الأهمية، وقد رأيت بأن هذه النتائج تأخذ مجريين كبريين، هما: ما يتعلق بآليات التنظير والأخرى بكيفيات التطبيق، وهذا ما جعلنا من جهة نعدل بعض التطبيقات التي قدمها الوعر بغير وضوح، ومن جهة أخرى حتمت بعض الملاحظات على الخروج بتوصيات أهمها جميعا: ضرورة استخدام الأدوات التحليلية اللسانية الحديثة لإعادة إنتاج توصيف دقيق وتفسير عميق ومعقول للغة العربية وباللغات الطبيعية الأخرى. وبشكل عام يمكن استنتاج التأثير الغربي في الدرس اللساني العربي على مستويات عديدة وهنا يجب الانتباه إلى حقيقة هامة مفادها أن اللسانيات العربية المعاصرة بالرغم من انتقادها العميق للتأثر الذي سجل عن أعمال الباحثين في الفترة الحديثة إلا أنها أصبحت أكثر فأكثر تتجه توجها غريبا وبشكل علني، أما تأثر اللسانيات العربية الحديثة فإنه يمكن حصرها في جملة من النقاط، منها: أ)- على مستوى المصطلح العلمي: لقد وجد الباحثون العرب أنفسهم أمام سيل جديد من المفاهيم العلمية والمصطلحات اللسانية الجديدة التي تناولت الأحداث اللغوية، وهي في معظمها جديدة وغريبة عن الاستعمال العربي، والتي وقد رأينا التعدد العربي له، وهو السبب الذي (Linguistique/ تحمل إرثا لاتنيا شاسعا بدءا من مصطلح (اللسانيات جعلهم يعدلون البنية المفاهيمية والاصطلاحية في الخطاب العربي وعلى مستويات متعددة منها العبارة العلمية الوصفية التي أدت إلى ظهور مميزات جديدة منها ترك المصطلح الأجنبي كما نقل على نحو: الفونيم (le métalangage) والمورفيم والفونتيك والسيميولوجيا والفنولوجيا وإنتولسانية والميتالسانية ...الخ، وغيرها من المصطلحات التي تم إخضاعها مباشرة إلى منطق الاستعمال العربي، أو أن يتم ترجمتها ترجمة فردية أحادية على النحو الذي نجده في مدونات الفاسي الفهري لاسيما كتابه الشهري) اللسانيات واللغة والعربية (حيث إننا نجده فيه يستعمل أكثر من) مائة) مصطلح جديد مبتكر في حقل اللسانيات العربية، وهي كلها تتسم بالتوسع في التعريب وإدخال الصيغ ومشتقات غير مألوفة في اللغة العربية، على نحو ما وصفه أحمد مختار عمر، ومن بين هذه المصطلحات: الصرف الاشتقاقي، الصرفة التبئير السيمية صوتيمات الحشو المعجمي..الخ، وغيرها من المصطلحات التي أدت به أحيانا على كثرتها إلى عدم الدقة في وصف الظاهرة اللغوية وعدم وضوح الرؤية عند القارئ المختص ناهيك عن المثقف، وهو السبب الذي جعله يؤلف معجما لسانيا كاملا لتفسير وتعريف هذه المصطلحات التي أغلقت على كثير من الباحثين اللسانيين العربي في الفترة الحديثة والمعاصرة. ب)- على مستوى بنية الخطاب العلمي: لقد ساد الخطاب الديني مجمل الدرس اللغوية التراثي وقد تبعهم في ذلك حماة الفكر الموروث من المحدثين والمعاصرين وهو يتشكل عادة من جمل طويلة ونصوص أطول ومفاهيم لها مقابلات في البيئة التي طورت فيه على نحو ما نجده عند الخليل وسيبويه في بناء المصطلح النحو والصرفي والعجمي والعروضي ومختلف العلوم.. وغيرها، الذي يربطه مع الموجودات الاجتماعية والبيئية، لكن ما نلتمسه في الخطاب العلمي هو تجاوز هذه الخاصية والتزام بالتجريد فالخطاب العلمي العربي الحديث والمعاصر لا يختلف في بنيته التجريدية عن الخطاب العلمي الغربي الذي اخذ في اعتماد الجمل القصيرة المباشرة ضمن فقرات دقيقة متسلسلة أغنت عن المجلدات الكثيرة وأسقطت كل أنواع الحشو. د)- على مستوى البنية التجريدية التفسيرية: لقد لاحظنا في تتبع أهم تحليلات اللسانيين العرب وبخاصة المهتمين بالتوليدية التحويلية العربية في إطار المنهج التفسيري العربي ظهور طريقة جديدة في تصنيف وفرز العناصر اللغوية ومما لا شك فيه أنها لا تشبه البتة الطريقة التراثية المتعارف عليها في تفسير ظواهر اللغوية العربية التي كانت إندراجية بامتياز وعلى شكل خطي متواصل. أما هؤلاء الباحثون فإنهم قد اهتموا بالطريقة الغربية في التحليل وأهو أعظم ما تأثروا به والتي تظهره في شكل عجري وتصنيف شجري وجدولي واستخدام الرموز والأقواس والحاضنات والمعادلات الرياضية الجبرية والجمع والطرح على النحو الذي مر بنا مع مازن الوعر ومثله الفاسي الفهري وميشال زكرياء وحلمي خليل وجواد مرتضى باقر وسمية المكي والأوراغي والخولي والعديد غيرهم، الأمر الذي يجعل المتصفح لهذه المصنفات من غير الاختصاصي في اللسانيات سيصنفها مباشرة ضمن كتب الفيزياء أو الرياضيات أو حتى الهندسة، وبالعودة مثلا إلى مازن الوعر فإننا نجده من الوهلة الأولى ينطلق من فرضية مفادها: إن اللغة العربية تحكمها قاعدة رياضية مفادها: ك= ]±أد )م + م إ( ±ف[ وبعدها يمكن استنتاج جميع الحالات التوليدية والتحويلية التي ينبني عليها الكلام العربي، وقد أدّت هذه الطريقة المستحدثة على هذا المستوى إلى توضيح مسائل معقدة كثيرة جدا في اللغة العربية مع تغلغل أكثر في البنية الشكلية التصورية للمقولات النحوية والصرفية والدلالية المعجمية ..الخ، لذا فإن هذه الطريقة الآلية إلى حد ما قد غيرت من منطق البحث اللساني العربي، ونظرا لنجاحاتها الباهرة في هذا المجال فقد أصبحت اللغة العربية تعتمده أكثر فأكثر كطريقة دقيقة في شرح وتفسير الظواهر اللغوية من العمليات القديمة المبنية على المقايسات التي تستهلك وقتا ومساحة أكثر دون ان تتخلص من جانب التعقيد التي أدت على عدم الإقبال عليها. ه)- الانتقال من الاهتمام بالترتيب العلائقي إلى استنتاج التراتبية الحسابية: وقد كان ذلك نتيجة انتقال الباحثين العرب من الاهتمام بالكشف عن العلاقات الصوتية والمعجمية والدلالية والتركيبية والبلاغية التي حصرها علماء العرب التراثيين تقريبا ولم يتركوا فيها لا شارة ولا واردة، إلى استنتاج العلاقات الرياضية بينها وإعدادها للحوسبة الرياضية؛ فلم يعد اللساني العربي مهتما فقط بالبحث عن الجوانب الرياضية فقط وإنما بحملها على اللسانيات الحاسوبية التي أصبحت أهم ميزة يميز بها الدرس اللساني الغربي في الفترة المعاصرة، وبالتالي فإننا في الحقيقة أمام مقدمات هامة نحو تحقيق مشروع حوسبة اللغة العربية. أما بخصوص تتبع تحليلات مازن الوعر كعينة عن المنهج التفسيري في اللسانيات العربية فإننا نخلص إلى النتائج الآتية: أ)- لقد بينت مدونات مازن الوعر تأثره العميق بالتحليل العجري والمنطق الرياضي والمنطقي الذي اعتمدها اللسانيون التوليديون التحويليون في تجريب أصولهم النظرية على مواد لغوية مختلفة أهمها؛ التراكيب المجهولة والمعلومة بكافة أنواعها، والتراكيب الشرطية والظرفية بمختلف تفرعاتها. ب)- لقد أظهر التطبيقات العجرية والجدولية لمازن الوعر صلاحية النظرية التوليدية التحويلية على اللغة العربية، وبخاصة على مستوى التراكيب الأساسية والتراكيب المشتقة؛ ففي التراكيب الأساسية أظهرت النظرية التوليدية التحويلية أن بإمكانها وصف وتحليل جميع عناصر الجملة الاسمية والفعلية، مع تفسير جميع الظواهر الداخلية التي تحدث على مستوى هذه التراكيب من تقديم وتأخير وتوسيع وحذف ثم تفسير البنية النحوية والدلالية الداخلية لكل واحد منها دون أدنى اعتراض، ودون ان تظهر أي تناقض مع ما قال به العلماء العرب القدامى من النحاة والبلاغيين، ثم انتقل إلى التراكيب المحولة وكانت البداية مع البناء للمجهول والبناء للمعلوم ومختلف العمليات النحوية التي تتم على هذا المستوى، وكشف التحليل بأن التراكيب المحولة هي تراكيب أساسية وتحكمها القوانين نفسها مع زيادة على مستوى الأدوات التي تحول التراكيب ومنها انطلق إلى تحليل الجملة المنفية والمثبتة والشرط والجزاء والرابط والظرف وغيرها.. فتأثر مازن الوعر بهذه النظرية قد أفاد اللغة العربية ببناء قاعدة بيانية تحصر كل العماليات الداخلية التي تحدث للتراكيب. ج)- لقد أظهر مازن الوعر تناسب أطروحة ولتركوك الدلالية وأطروحة تشومسكي المعجمية والتفسيرية مع المواد اللغوية العربية وذلك لعدة مبررات موضوعية مجملها أنها: بالنسبة لنظرية ولتركوك تخدم اللغة العربية من خلال إحصاء الأدوار الدلالية والوظيفية التي حددها ولتركوك، وهي لم تتعارض مطلقا مع مقولات اللغة العربية الدلالية، أما بالنسبة للفرضية المعجمية التشومسكية فإنها أفادت في تحديد إحداثية معاني الكلمات في الجمل والتراكيب، فهي بذلك مساهمة فعلية في تعميق فهمنا للجملة العربية، في وقت أشار فيه إلى عدم صمود النظريات الدلالية التأويلية أمام المشكلات الفعلية التي تطرحها البنية الدلالية للغات عموما واللغة العربية بشكل خاص. د)- لقد استطعنا بهذه التحليلات التي قدمناها على عجرات مازن الوعر أن نتنبه إلى الالتقاء الواسع بين المنهجين؛ أي بين منهج النحو العربي بريادة سيبويه وشيوخه، والمنهج التوليدي التحويلي بزعامة تشومسكي وأهم التقاء في نظرنا هو انطلاق سيبويه من مبدأ العمل والتعليق وهذا يكاد يتطابق مع المنهج الذي انطلق منه تشومسكي فيما سماه منهج العمل والربط الإحالي، ولا يفوتنا أيضا أن نلفت الانتباه إلى أن المنهج الدلالي التوليدي التحويلي قد التقى في مناسبات كثيرة مع المنهج الدلالي للإمام الجرجاني في طرقه للمسائل الدلالي العربية، وأهم شيء في هذا اللقاء وهذا الحوار عدم ظهور أي تناقض أو غرابة بين النتائج التي توصل إليها علماء العرب مع النتائج التي توصل إليها مازن الوعر عند تطبيق هذه المناهج الغربية. ومن أهم التوصيات التي يخرج بها هذا البحث، هي: أ)- إن اللسانيات العامة في الفترة الحديثة والمعاصرة هي نتاج حضاري تشاركت فيه جميع الأمم والثقافات وهي ليست حكرا على الغرب فقط، وهي طريقة علمية جديدة ودقيقة في تحليل الظواهر اللغوية مهما كانت دون أي إقصاء أو بقداسة قبلية، وهي تعد بالكثير وليس من الحكمة التخلف عنها لمجرد أنها طورت في المخابر والمؤسسات العلمية الغربية، ولا تهدف أيضا إلى أن تحل محل الدراسات القديمة الصالحة مما اعتبره كثير من الباحثين أنها ضرب من الغزو الثقافي. اللسانيات علم يهدف إلى تحليل اللغة وفق حاجات العصر ووسائله البحثية المستجدة والمختبرة، ونحن أشد ما نكون بحاجة إلى حوسبة لغتنا وتراثنا والتعرف على لغتنا أكثر فأكثر وتيسير سبل تعليمها وبالتالي فإننا مجبرون على فهم هذه المادة العلمية وإحلالها محلا عزيزا في ثقافتنا اللغوية. ب)- التراث العربي تراث زاخر وغني بالمواد العلمية التي من شأنها إذا قدّمت بالطريقة العلمية الواضحة أن تسهم في نقل اللسانيات العامة إلى المرحلة المقبلة، ولكن قبل ذلك فإنه يحتاج إلى جمع وإعادة تركيب بطريقة لا يفقده العمق العلمي الذي قدم من أجله، وليس أخطر على التراث من التشدق به في كل محفل دون إدراك حتى للمبادئ الأولية التي بني عليها. ج)- إن اللغة العربية في تطور مستمر وهي بهذه الحالة كحال جميع اللغات في العالم، وعلى الدرس اللغوي أن يراعي هذه التغيرات التي تحدث على مستويات عديدة وبنسب متفاتة يريدها مستعمل اللغة العربية في حياته اليومية، لذلك فإن الاهتمام باللغة العربية يجب ألا ينحصر فقط في اللغة العربية القديمة التي تحدث بها العرب في العصر الجاهلي والإسلامي، فقد أظهرت حاليا خصائصا جديدة يجب الاعتداد بها في التحليل والتعليم، وقد لاحظنا أن أغلب الباحثين لا يهتمون بهذه الأشواط التاريخية التي قطعتها اللغة العربية مما ترك الفصحى المعاصرة شبه منعدمة الدراسة باستثناء بعض الأعمال التي بدأت تظهر في مصر والمغرب والمملكة العربية السعودية بشكل بدائي جدا، ومازال الأمر في بدايته. د)- ومن أخطر الأفكار التي يمكن أن تتبادر إلى ذهن أي باحث لساني عربي في الفترة المعاصرة هو ضرورة الاستعداد للمرحلة المقبلة من اللغة العربية؛ حيث إننا أصبحنا نلمس أكثر فأكثر تباعد الناس عن الاستعمال التراثي للغة العربية التي جاء بها القرآن وحايثه الحديث وكتب علوم الدين إجمالا؛ ولذلك فإن الضرورة ملحة إلى نقل هذه النصوص من لغتها إلى اللغة العربية المستعملة، وعوض التفكير في آليات رفض هذه الفكرة فإنه ينبغي التروي في تأسيس الثقافة المناسبة للحفاظ على ذلك وإلا فإننا سنشهد تحطيما منقطع النظير للغة العربية ويصحبها النصوص التي حررت بها حيث سيغلق على الناس كل ما كان فخرا ومجدا قديما لأسلافنا.
URI/URL: http://dspace.univ-batna.dz/xmlui/handle/123456789/1033
Collection(s) :Langue, littèrature arabes et des arts

Fichier(s) constituant ce document :
Fichier Description TailleFormat 
le عبد الغاني قبايلي.pdffichier PDF70,69 MBAdobe PDFVoir/Ouvrir


Tous les documents dans DSpace sont protégés par copyright, avec tous droits réservés.